30. قطوف من السيرة المحمدية ” نبينا الكريم إمام الأولين والآخرين “

                   بسم الله الرحمن الرحيم

قطوف من السيرة المحمدية

على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم

 ” العناوين “

نبينا الكريم إمام الأولين والآخرين ، رحلته إلى السماء ، إن أمتك لا تطيق ذلك ، وقفة مع الصلوات الخمس ، هل رأى ربه عيانا ، وصفه صلى الله عليه وسلم لسدرة المنتهى ، المراجع .

” التفاصيل “

        نبينا الكريم إمام الأولين والآخرين :

جمع الله المرسلين السابقين من حملة الهداية في هذه الأرض وما حولها ؛ ليستقبلوا صاحب الرسالة الخاتمة ، إن النبوات يصدق بعضها بعضا ، وقد أخذ الله الميثاق على أنبياء بني إسرائيل بذلك ( وإذ أخذ الله ميثاق النبين لما ءاتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ) . وفي السنة الصحيحة أن الرسول صلى الله عليه وسلم صّلى بإخوانه الأنبياء ركعتين في المسجد الأقصى ، فكانت هذه الإمامة إقرارا مبينا بأن الإسلام كلمة الله الأخيرة إلى خلقه ، أخذت تمامها على يد محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن وطّأ لها العباد الصالحون من رسل الله الأولين والكشف عن منزلة محمد صلى الله عليه وسلم ودينه ليس مدح يساق في حفل تكريم ، بل هو بيان حقيقة مقرّرة في عالم الهداية منذ تولت السماء إرشاد الأرض ، ولكنه جاء في الوقت المناسب .

رحلته صلى الله عليه وسلم إلى السماء :

قال ابن القيم : أسرى بالرسول صلى الله عليه وسلم بجسده على الصحيح ، من المسجد الحرام إلى بيت المقدس راكباً على البراق ، صحبة جبريل عليهما الصلاة والسلام ، فنزل هناك ، وصلى بالأنبياء إماماً ، وربط البراق بحلقة باب المسجد .

ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا ، فاستفتح له جبريل ففتح له ، فرأى هناك آدم أبا البشر فسلم عليه ، فرحب به ، ورد عليه السلام ، وأقر بنبوته ، وأراه الله أرواح الشهداء عن يمينه ، وأرواح الأشقياء عن يساره .

       ثم عرج به إلى السماء الثانية ، فاستفتح له ، فرأى فيها يحي بن زكريا وعيسى بن مريم ، فلقيهما وسلم عليهما ، فردا عليه ورحبا به ، وأقرا بنبوته ،

ثم عرج به إلى السماء الثالثة ، فرأى فيها يوسف ، فسلم عليه ، فرد عليه ورحب به ، وأقر بنبوته ،

ثم عرج به إلى السماء الرابعة ، فرأى فيها إدريس ، فسلم عليه ، فرد عليه ورحب به ، وأقر بنبوته ،

ثم عرج به إلى السماء الخامسة ، فرأى فيها هارون بن عمران ، فسلم عليه ، فرد عليه ورحب به ، وأقر بنبوته ،

ثم عرج به إلى السماء السادسة ، فرأى فيها موسى بن عمران ، فسلم عليه ، فرد عليه ورحب به ، وأقر بنبوته ، فلما جاوزه بكى موسى ، فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : أبكي لأن غلاماً بعث من بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي،

 ثم عرج به إلى السماء السابعة ، فلقى فيها ابراهيم عليه السلام  ، فسلم عليه ، فرد عليه ورحب به ، وأقر بنبوته ،

ثم رفع إلى سدرة المنتهى ، – قال ابن القيم : وقد ثبت أن سدرة المنتهى فوق السماء وسميت بذلك لأنها ينتهي إليها ما ينزل من عند الله فيقبض منها وما يصعد إليه فيقبض منها وقال تعالى : ” وفي السماء رزقكم وما توعدون ” سورة الذاريات : 22 .،

ثم رفع له البيت المعمور .

ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله ، فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى ، وفرض عليه خمسين صلاة .

إن أمتك لا تطيق ذلك فاسأله التخفيف :

فرجع حتى مرّ على موسى ، فقال له : بم أمرك ؟ قال : بخمسين صلاة ، قال : إن أمتك لا تطيق ذلك ، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فالتفت إلى جبريل ، كأنه يستشيره في ذلك ، ، فأشار : أن نعم ، إن شئت ، فعلا به جبريل حتى أتى به الجبار تبارك وتعالى ، وهو في مكانه ، هذا لفظ البخاري في بعض الطرق- فوضع عنه عشراً ، ثم أنزل حتى مر بموسى ، فأخبره ، فقال : ارجع إلى ربك فأسأله التخفيف ، فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل ، حتى جعلها خمساً ، فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف ، فقال : قد استحييت من ربي ، ولكني أرضى وأسلم ، فلما بعد نادى مناد : قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي- انتهى .

وقفة مع الصلوات الخمس :

قال بعض السلف : الصلاة كجارية تهدى إلى ملك من الملوك فما ظن بمن يهدي إليه جارية شلاء أو عوراء أو عمياء أو مقطوعة اليد والرجل أو مريضة أو دميمة أو قبيحة حتى يهدى إليه جارية ميتة بلا روح فيها وجارية قبيحة . فكيف بالصلاة التي يهديها العبد ويتقرب بها إلى ربه تعالى ؟ والله تعالى لا يقبل إلا طيبا ، وليس من العتق الطيب عتق عبد لا روح فيه . انتهى . وقس على هذا سائر الطاعات من صيام أو صدقة أو أو أو .

هل رأى ربه عيانا :

ثم ذكر ابن القيم خلافاً في رؤيته صلى الله عليه وسلم ربه تبارك وتعالى ، ثم ذكر كلاماً لابن تيمية بهذا الصدد ، وحاصل البحث أن الرؤية بالعين لم تثبت أصلاً وهو قول لم يقله أحد من الصحابة ، وما نقل عن ابن عباس من رؤيته مطلقاً ورؤيته بالفؤاد فالأول لا ينافي الثاني . ثم قال : وأما قوله تعالى في سورة النجم ( ثم دنا فتدلى ) النجم 8 ، فهو غير الدنو الذي في قصة الإسراء ، فإن الذي في سورة النجم هو دنو جبريل ، وتدليه ، كما قالت السيدة عائشة وابن مسعود رضي الله عنهما ، والسياق يدل عليه ، وأما الدنو والتدلي في حديث الإسراء فذلك  صريح في  أنه  دنو الرب تبارك وتعالى وتدليه ، ولا تعرض في سورة النجم لذلك ، بل فيه أنه رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ، وهذا هو جبريل رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صورته مرتين : مرة في الأرض ، ومرة عند سدرة المنتهى ، والله  أعلم … انتهى .

وصفه صلى الله عليه وسلم لسدرة المنتهى :

قال تعالى : ” ولقد رءاه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ” سورة النجم : 13- 15 ” وقد رأي النبي صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى ورأى عندها جنة المأوى كما في الصحيحين من حديث أنس في قصة الإسراء وفي آخره ” ثم انطلق بي جبريل حتى انتهى إلى سدرة المنتهى فغشيها ألوان لا أدري ما هي ؟ قال : ثم دخلت الجنة فإذا فيها  جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك ” .

–        انتهى –

                                   فاللهم صل وسلم على نبينا وحبيبنا محمد ” عليه الصلاة والسلام “

المراجع :

–        من كتاب الرحيق المختوم للمؤلف الشيخ / صفي الدين المباركفوري رحمه الله – فصل : الإسراء والمعراج ( ص 133 – 135 ) طبعة : دار ابن حزم .

–        من كتاب مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين للمؤلف الإمام / ابن قيم الجوزية رحمه الله – المجلد الثاني ، فصل : في صلاة من لم يخشع ( ص 161 ) طبعة : دار طيبة .

–        من كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح للمؤلف الإمام / ابن قيم الجوزية رحمه الله – الباب الأول : في بيان وجود الجنة الآن ، والباب الثالث عشر : في مكان الجنة وأين هي : ( ص 18 ، 55 ) طبعة : دار الكتب العلمية .

–        من كتاب فقه السيرة للمؤلف الشيخ / محمد الغزالي رحمه الله – فصل : الإسراء والمعراج  ( ص 138 – 143 ) طبعة : دار القلم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *