قال الجاحظ :
كان أبو دلامة بين يدي المنصور واقفاً ،
فقال له : سلني حاجتك ؟
قال أبو دلامة : كلب أتصيد به .
قال : أعطوه إياه .
قال : ودابة أركب عليها .
قال : أعطوه .
قال : وغلام يصيد بالكلب ويقوده .
قال : أعطوه غلاماً .
قال : وجارية تصلح لنا الصيد وتطعمنا منه .
قال : أعطوه جارية .
قال : هؤلاء يا أمير المؤمنين عبيدك فلا بد لهم من دار يسكنونها.
قال : أعطوه داراً تجمعهم .
قال : فإن لم تكن لهم ضيعة فمن أين يعيشون ؟
قال : قد أعطيتك مائة جريب ( يعني مساحة معينة من الأرض ) عامرة ومائة جريب غامرة .
قال : وما الغامرة ؟
قال : ما لا نبات فيها .
فقال : قد أقطعتك أنا يا أمير المؤمنين خمسمائة ألف جريب غامرة من فيافي وصحاري بني أسد ، فضحك وقال : اجعلوها كلها عامرة .
قال : فأذن لي أن أقبل يدك .
قال : أما هذه فدعها .
قال : والله ما منعت عيالي شيئاً أقل ضرراً عليهم منها .
قال الجاحظ : فانظر إلى حذقه بالمسألة ولطفه فيها : ابتدأ بكلب فسهل القصة به ، وجعل يأتي بما يليه على ترتيب وفكاهة ، حتى نال ما لو سأله بديهة لما وصل إليه . انتهى .
المرجع :
من كتاب طرائف الخلفاء والملوك
للمؤلف :
علي مهنا .
ط / دار الكتب العلمية ” ص 140 – 141 “