سميت منى لما يمنى فيها من الدماء ، وقيل لاجتماع الناس بها ، والعرب تقول لكل مكان يجتمع فيه الناس منى . يقع بين مكة والمزدلفة على بعد (7 كم ) شمالا شرق المسجد الحرام ، وعن طريق النفق (4 كم) وبها يبيت الحجاج ليالي : ( 9 ، 11 ، 12 من ذي الحجة ) لمن يتعجل ، وليلة 13 لمن يتأخر ، وقد ورد ذلك في قوله تعالى : { وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى } (203) سورة البقرة ، وهي مشعر داخل حدود الحرم ، وبها رمى إبراهيم عليه السلام الجمار ، وذبح كبشاً بدل إسماعيل عليه السلام ، ثم رمى النبي صلى الله عليه وسلم وذبح أثناء حجة الوداع ، فيرمي المسلمون الجمار ويذبحون ، وبها مسجد الخيف والجمرات الثلاث ، وبها تمت بيعة الأنصار المعروفة ببيعة العقبة الأولى والثانية ، وبه انزلت سورة النصر أثناء حجة الوداع ، وبها بات النبي صلى الله عليه وسلم وصلّى فيه أيام التشريق ولياليها ، وبها نحر ، وقال : نحرت ههنا ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم ، وبها نزلت سورة المرسلات .
طريق المشاة :
أنشئت طريق للمشاة بين المسجد الحرام ومزدلفة مروراً بمنى ، وهو مظلل ومزود بدورات للمياه ونوافير للشرب، وعرضه (30 ) م .
مسجد الخيف :
الخيف بفتح الخاء ، وسكون الياء ، ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء ومنه سمي مسجد الخيف ، ويقع في سفح جبل منى الجنوبي قريباً من الجمرة الصغرى ، وقد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله ، فعن يزيد بن الأسود قال : شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف .
وقد كان هذا المسجد موضع اهتمام وعناية خلفاء المسلمين على مر التاريخ ، وتمت توسعته وعمارته في سنة 1407هـ/1978م بتكلفة ( 90 ) مليون ريال ، وبه أربع منابر ، وهو مكيف بــ 410 وحدة تكييف ، كما يساعد على تلطيف الهواء (1100) مروحة ، ويليه مجمع دورات المياه
ويوجد به أكثر من ألف دورة مياه وثلاثة آلاف صنبور للوضوء .
غار المرسلات :
عرف بذلك لنزول سورة المرسلات فيه ، كما روى البخاري عن عبد الله رضي الله عنه قال : بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى إذ نزل عليه ( والمرسلات ) وإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه ، وإن فاه لرطب بها .
وقال الفاسي ( المتوفي : 832 هـ ) : وهذا الغار مشهور بمنى خلف مسجد الخيف نحو الجبل مما يلي اليمن ، كذلك يأثره الخلف عن السلف .
وقال البلادي : وهذا الغار معروف معلوم بمنى بين مسجد الخيف وجبل الصابح الذي يشرف على المسجد من الجنوب الغربي ، والغار في سفح الجبل بارتفاع ، جنوبا من مسجد الخيف .
وادي محسّر :
بالضم ثم الفتح وكسر السين المشددة ، من الحسر بمعنى الاعياء / تقول : حسرت الدابة والعين إذا أعيت ، أو من حسر فلان ، إذا اشتدت ندامته .
قال ابن القيم : سمي ذلك الوادي وادي محسر لأن الفيل حسر فيه أعيي وانقطع عن الذهاب ، وقال أيضا : وهو المكان الذي أهلك الله فيه الفيل وأصحابه ، ويسن للحاج الإسراع فيه أثناء عودته من مزدلفة إلى منى كما في رواية جابر رضي الله عنه … حتى إذا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بطن محسر فحرك قليلاً … .
قال ابن القيم : فلما أتى النبي صلى الله عليه وسلم بطن محسر حرك ناقته وأسرع السير ، وهذه كانت عادته في المواضع التي نزل فيها بأس الله بأعدائه فإن هناك أصاب أصحاب الفيل ما قص الله عليها .
ومن جهة أخرى فقد كان العرب في الجاهلية يقفون فيه ويذكرون مفاخر آبائهم فاستحب الشارع مخالفتهم أيضاً ، وقد قال عمر رضي الله عنه مشيراً إلى ذلك عند إسراعه في وادي محسر :
إليك نعدوا قلقاً وضينها مخالفاً دين النصارى دينها
وقد أشير إلى حدوده بين منى والمزدلفة باللوحات الإرشادية المكتوبة عليها ” وادي محسر ” ، وهو من الحرم وليس بمشعر .
المرجع :
تاريخ مكة المكرمة قديماً وحديثاً ، د / محمد إلياس عبد الغني حفظه الله ، ط / فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية ” ص 103 ، 104 ” ، فصل : المشاعر ” منى ” ، بتصرف.