إن نعم الله على عباده لا تعد ولا تحصى ومن هذه النعم نعمة شروق الشمس وغروبها ، التي ننعم بها دون أن نلقي لها بالا . فلو تأملنا في طلوع الشمس على العالم ، كيف قدره العزيز الجبار العليم سبحانه وتعالى ، فإنها لو كانت تطلع في موضع من السماء فتقف فيه ولا تعدوه لما وصل شعاعها ونورها إلى كثير من الجهات ، لأن ظل أحد جوانب كرة الأرض يحجبها عن الجانب الآخر ، فكان يكون الليل دائماً سرمداً على من لم تطلع عليهم ، والنهار دائما سرمداً على من هي طالعة عليهم ، فتفسد حياة هؤلاء وهؤلاء .
فاقتضت الحكمة الإلهية والعناية الربانية أن قدر طلوعها من أول النهار من المشرق ، فتشرق على ما قابلها من الأفق الغربي ، ثم لا تزال تدور وتغشى جهة بعد جهة حتى تنتهي إلى المغرب ، فتشرق على ما استتر عنها في أول النهار فيختلف عندهم الليل والنهار فتنتظم مصالحهم .
وها نحن سنشاهد بإذن الله حدثا كونيا عظيما قدر الله سبحانه على حدوثه ، ألا وهو كسوف جزئ للشمس وقت غروبها ، مما يذكرنا بإحدى علامات الساعة الكبرى ، وهي طلوع الشمس من مغربها ، فتفكر كيف يكون حالنا لو أن الشمس أشرقت من مغربها فهل أعمالنا تؤهلنا للقاء رب العزة والجلال ؟ انتهى .
المراجع :
من كتاب قل انظروا .
الفصل الأول ” الشمس وإنارتها لجوانب الأرض ” .
من كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم الإرادة .
فصل في الحكمة في طلوع الشمس .
للمؤلف :
الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله . ” بتصرف *