ثم تأمل الحكمة البالغة في نزول المطر على الأرض من علو ليعم بسقيه وهادها وتلاها وظرابها وآكامها ومنخفضها ومرتفعها ، ولو كان ربها تعالى إنما يسقيها من ناحية من نواحيها لما أتى الماء على الناحية المرتفعة إلا إذا اجتمع في السفلى وكثر ، وفي ذلك ضرر وفساد ، فاقتضت حكمته أن سقاها من فوقها فينشئ سبحانه السحاب – وهي روايا الأرض – ثم يرسل الرياح فتحمل الماء من البحر وتلقحها به كما يلقح الفحل الأثنى ، ولهذا تجد البلاد القريبة من البحر كثيرة الأمطار وإذا بعدت من البحر قل مطرها .
وفي هذا المعنى يقول الشاعر يصف السحاب :
شربن بماء البحر ثم ترفعت ،، متى لجج خضر لهن نئيج .
” النئيج : الحركة السريعة ” . انتهى .
الصعاب .
المرجع :
من كتاب قل انظروا .
للمؤلف :
الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله .
فصل : نزول المطر من العلو .
ص ” 145 ” . طبعة المكتب الإسلامي .