بسم الله الرحمن الرحيم
” النجاح المولود الطبيعي للخسارة ”
جيمس واط ( 1736 – 1819 ) :
” ابن النجار البسيط الذي أصبح أشهر علماء بلده ”
واط هو مهندس أسكتلندي كان تصميمه المطور للمحرك أول تطبيق عملي للقدرة البخارية . وكانت المحركات البخارية البسيطة تستخدم قبل زمن واط غير أنها كانت تحرق كميات كبيرة من الفحم وتعطي قدرة قليلة . كما كانت حركتها التبادلية ( أمام وخلف ) تحد من استخدامها لتشغيل المضخات . غير أن اختراع واط للمكثِّف المنفصل الذي يقوم بتحويل البخار مرة أخرى إلى ماء بالتبريد قد زاد من كفاءة المحركات البخارية . وكانت التحسينات الأخيرة التي أدخلها عليها قد أتاحت استخداما واسعا لها . وأسهمت تلك التحسينات بشكل رائع في تطور الصناعة الحديثة .
وتقديرا لإسهاماته تلك – وغيرها – اختاره د . مايكل هارت الشخصية الخامسة والعشرين بين الشخصيات المئة التي أثّرت تأثيرا عظيما في البشرية وذلك في كتابه الشهير ” المئة الأوائل ” .
ولد واط الذي كان ابنا لصاحب محل ونجار في جرينوك بأسكتلندا عام 1736م .
دخل واط إلى المدرسة إلا أنه عانى من صعوبات فيها حالت دون استمراره فيها فترك الدراسة النظامية .
وعندما بلغ الثامنة عشرة من عمره رحل إلى جلاسجو ثم إلى لندن ليتعلم صناعة أدوات خاصة بعلم الرياضيات . وقد برع واط في مهنته هذه بشكل أثار إعجاب الفيزيائي جوزيف بلاك ( مكتشف الحرارة الكامنة ) الذي جعله صانع أدوات في جامعة جلاسجو عام 1757م .
كان لعلاقة الصداقة بين واط وجوزيف بلاك أثر بارز في توجيه واط للاهتمام بالطاقة والاستفادة من البخار كقوة محركة وبعد أن أجرى بعض التجارب في هذا المجال وقع في يديه محرك بخاري من طراز نيوكومن NEWCOMEN في عام 1763م وبعد فترة اخترع واط مكثفا منفصلا وأدخل عددا من التحسينات على المحرك البخاري كان من بينها المضخة الهوائية وغلاف الأسطوانة البخارية ومؤشر البخار ، الأمر الذي جعل من المحرك البخاري ماكينة تجارية صالحة للتداول والاستخدام وسجل براءة اختراعه عام 1769م .
وفي محركات نيوكومن يملأ البخار حيز الأسطوانة الموجود تحت المكبس . عندئذ يتكثف البخار تاركا فراغا يندفع فيه المكبس بالضغط الجوي . ويعني ذلك تسخين وتبريد المكبس بالتناوب وهو ما يسبب ضياع قدر كبير من الطاقة . وأدرك واط أن بخار الماء المغلي ما هو إلا بخار مرن ولذلك يملأ أي وعاء يدخل فيه . وإذا ما انفتحت الأسطوانة المملوءة ببخار الماء على وعاء منفصل مبرد فإن البخار سوف يتحرك في الوعاء ويتكثف محدثا فراغا في الأسطوانة دون الحاجة إلى تبريده .
أمضى واط عدة سنوات وهو يحاول تطوير محرك تشغيل للتصميم الجديد . وفي عام 1774م حصل على مؤازرة ماثيو بولتون وهو صاحب مصنع نشط في برمنجهام . وقام الاثنان بتأسيس شركة هندسية هي شركة ” سوهو للأعمال الهندسية ” والتي كانت تؤجر تصميم المحرك الجديد والإشراف على بنائه وتشغيله وحققت المؤسسة نجاحا . وقد أدخل الشريكان مصطلح القدرة الحصانية في مجال القدرة والطاقة الميكانيكية حيث إن قوة حصان واحد تعادل 746 , 0 كيلوواط وفي عام 1782م سجل واط براءة اختراع المحرك البخاري المزدوج الذي يستخدم ضغط البخار لدفع المكبس في الاتجاهين . كما قام أيضا بتطوير ترابط الحركة الموازية لتحويل الحركة التبادلية للمكبس إلى جهاز متأرجح ( هزاز ) يسمى دعامة التشغيل . وتقوم دعامة التشغيل بدورها بنقل الحركة إلى ذراع تدوير وحذافة لإحداث حركة دوارة .
اخترع واط أيضا صماما خانقا لتنظيم سرعة المحرك وأجهزة كثيرة أخرى . وأجرى أبحاثا علمية في الكيمياء وعلم الفلزات كما كان من أوائل الذين رأوا أن الماء مركب وليس عنصرا . وتقاعد عن العمل أوائل القرن التاسع عشر في الوقت الذي أصبح فيه شخصا ثريا مبجلا . وقد سميت وحدة الطاقة واط باسمه تكريما له .
توفي واط عام 1819م . انتهى
المرجع :
عظماء بلا مدارس ، عبد الله صالح الجمعة حفظه الله ، ط / العبيكان ” ص 203 – 205 ” ، فصل : جيمس واط ، بتصرف.