بسم الله الرحمن الرحيم
” الحكيم من يبتهج بالمصائب ؛ ليقطف منها الفوائد ”
– الكواكبي –
الشيخ الداعية أحمد ديدات ( 1918 – 2005 ) :
لا يذكر أعلام الدعوة إلى الإسلام في العصر الحديث إلا ونجد اسم الشيخ أحمد ديدات يشع في مصاف الكبار منهم وفي مقدمة المؤثرين منهم والذي وصل نور الإسلام الحق إلى ملايين البشر عن طريقهم .
سيرة الشيخ أحمد ديدات لا تكفيها وريقات ولا حتى مجلدات نملأ بها مخازن كتب بأكملها ؛ لأن سيرته وكتاباته تتعدى حروفاً على ورق إلى معاني جليلة ننير بها ظلمات الجهل العقدي الذي يلف عالمنا اليوم .
سيرة الشيخ ديدات نبراس حقيقي لكل من يحمل همّ الدعوة إلى الله أو يطمح إلى ذلك …….. فمن هو الشيخ أحمد ديدات ؟
ولد الشيخ أحمد حسين ديدات عام 1918 م في بلدة ( تادكيشنار ) بولاية ( سوارات ) الهندية .
* هاجر إلى جنوب إفريقيا في عام 1927 م ليلحق بوالده .
* بدأ دراسته في العاشرة من عمره حتى أكمل الصف السادس ولكن الظروف المادية الصعبة أعاقت استكماله لدراسته .
* عمل في عام 1934 بائعاً في دكان لبيع المواد الغذائية ثم سائقاً في مصنع أثاث ثم شغل وظيفة ( كاتب ) في المصنع نفسه وتدرج في المناصب حتى أصبح مديراً للمصنع بعد ذلك .
* في أواخر الأربعينيات التحق الشيخ أحمد ديدات بدورات تدريبية للمبتدئين في صيانة الراديو وأُسس الهندسة الكهربائية ومواضيع فنية أخرى ولما تمكن من توفير قدر من المال رحل إلى باكستان عام 1949 م وقد مكث في باكستان فترة منكبّاً على تنظيم معمل للنسيج .
* تزوج الشيخ أحمد ديدات وأنجب ولدين وابنة واحدة .
* اضطر الشيخ أحمد ديدات إلى العودة مرة أخرى إلى جنوب إفريقيا بعد ثلاث سنوات للحيلولة دون فقدانه لجنسيتها حيث إنه ليس من مواليد جنوب إفريقيا .
وقد عرض عليه فور وصوله إلى جنوب إفريقيا استلام منصب مدير مصنع الأثاث الذي كان يعمل فيه سابقاً .
* في بداية الخمسينيات أصدر كتبيه الأول : ” ماذا يقول الكتاب المقدس عن محمد صلى الله عليه وسلم ؟ ” ثم نشر بعد ذلك أحد أبرز كتيباته : ” هل الكتاب المقدس كلام الله ؟ ” .
* في عام 1959 م توقف الشيخ أحمد ديدات عن مواصلة أعماله حتى يتسنى له التفرغ للمهمة التي نذر لها حياته فيما بعد وهي الدعوة إلى الإسلام من خلال إقامة المناظرات وعقد الندوات والمحاضرات . وفي سعيه الحثيث لأداء هذا الدور العظيم زار العديد من دول العالم واشتهر بمناظراته التي عقدها مع كبار رجال الدين المسيحي أمثال : كلارك – جيمي سواجارت – أنيس شروش .
* أسس معهد السلام لتخريج الدعاة والمركز الدولي للدعوة الإسلامية بمدينة ( ديربان ) بجنوب إفريقيا .
* ألف الشيخ أحمد ديدات ما يزيد عن عشرين كتاباً وطبع الملايين منها لتوزع بالمجان بخلاف المناظرات التي طبع بعضها وقام بإلقاء آلاف المحاضرات في جميع أنحاء العالم .
ولهذه المجهودات الضخمة مُنح الشيخ أحمد ديدات جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1986 م ( بالمشاركة ) .
بداية طريق الدعوة :
يتحدث الشيخ أحمد ديدات عن بداية طريق الدعوة فيقول :
كنت أعمل في دكان قريب من موقع إرسالية آدمز ميشين ( كلية آدمز ) وكان من عادة الطلبة في هذه الكلية أن يأتوا إلى المحل وكانوا مبشرين تحت التدريب .
كانوا يأتون إلى المحل ويرونني وبقية العاملين المسلمين في المحل وكانوا يتحدثون إلينا بأشياء عن الإسلام ونبي الإسلام صلى الله عليه وسلم وعن أمور وأشياء ليس لدي أي معرفة عنها .
ومن هذه الكلية توافد علينا المبشرون الذين حولوا حياتنا إلى بؤس وعذاب فلقد كانوا يتدربون هناك على كيفية مواجهة المسلمين .
وحينما كانوا يأتون لشراء ما يحتاجون إليه من المحل كانوا ينهالون علينا بالأسئلة والانتقادات فيقولون :
– هل تعلمون أن محمداً تزوج نساءً كثيراتٍ جدّاً ؟
وحينئذ لم يكن لدي أدنى معرفة بذلك .
– وهل تعلمون أن محمداً نشر دينه بحدّ السيف ؟
ولم يكن لدي أدنى معرفة عن ذلك .
– وهل تعلمون أنه قد نقل كتابه عن اليهود والنصارى ؟
ولم يكن لدي أدنى علم بذلك .
كان الموقف في غاية الصعوبة بالنسبة لي ماذا أفعل كمسلم ؟ هل أردُّ على الهجوم ؟
ولكن كيف ذلك ؟ وليس لدي من العلم والمعرفة ما أردُّ به ..
وهل أهرب من المكان ؟
والحصول على عمل في تلك الأيام كان أمراً عسيراً .
وكان لدي توقٌ شديدٌ للمعرفة وللقراءة . وفي صباح يوم الراحة الأسبوعية دخلت المخزن الخاص برئيسي وأخذت أقلب في كومة من الصحف القديمة وأفتش عن مادة جيدة أقرؤها وانهمكت في البحث إلى أن عثرت على كتاب قضمته الحشرات – وفيما بعد جدّدت غلاف هذا الكتاب الذي قضمته الحشرات – وحينما أمسكت بالكتاب ثارت منه رائحة نفاذة أثارت أنفي وانتابتني حالة من العطس فقد كان الكتاب قديماً ومتعفناً .
قرأت عنوان الكتاب وهو : ( إظهار الحق ) .. كان وقعه في أذني وكأن العنوان بالعربية .
كان الكتاب قديماً وصدر في الهند عام 1915 م قبل ميلادي بثلاث سنوات فلقد ولدت عام 1918 م فهو أقدم مني بثلاث سنوات .
وبفضل هذا الكتاب تغيرت حياتي تماماً ولو لم أصادف هذا الكتاب ما كنت لأقوم بما أقوم به الآن وأعني بذلك التحدث إلى الناس عن الأديان من منطلق المقارنة بينها .
هكذا كانت البداية .. من هذا المكان .. بدأ كل شيئ من هنا منذ خمسين عاماً خلت .
بعض مؤلفاته :
ولقد أصدر عدة كتب تتعلق جميعها بالمقارنة بين الأديان وطبع ونشر من هذه الكتب مائة ألف نسخة في المرة الواحدة ..
ومن هذه الكتب كتاب بعنوان :
ماذا يقول الكتاب المقدس عن محمد صلى الله عليه وسلم ؟
( What the Bible Says about Muhummed ? ) ( PBUH )
ولقد طبع منه أكثر من ثلاثمائة ألف نسخة .
وكتاب آخر :
هل الكتاب المقدس كلام الله ؟
( Is the Bible God’s Word ? )
وقد طبع منه أكثر من مئتين وستين ألف نسخة .
وكتب أخرى مثل :
مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء .
( Crucifixion or Cruci – fiction )
والمسيح في الإسلام . ( Christ in Islam )
والحل الإسلامي للمشكلة العنصرية .
( Islam’s Answer to the Racial Problem )
والمسلم يؤدي الصلاة .
( The Muslim at Prayer )
ومن دحرج الحجر ؟
( Who Moved the Stone ? ) وغيرها .
مرضه ووفاته :
أصيب الشيخ أحمد ديدات بمرض عضال منذ عام 1996 م أجبره على لزوم الفراش وبقي صابراً محتسباً إلى أن وافته المنية يوم الإثنين الموافق 3 شهر رجب 1426هـ بتوقيت إفريقيا وصُلي على الفقيد بعد صلاة المغرب في أحد مساجد مدينة فيرلم التي تقع على بعد 30 كم شمالي مدينة ديربان التي توفي في أحد مستشفياتها .
ورغم إصابة الداعية الكبير بشلل تام في كل جسده – عدا دماغه – ولزومه الفراش منذ عام 1996 فإنه رحمه الله واصل دعوته من خلال الرسائل والتي تتدفق عليه يوميا من جميع أنحاء العالم ويصل في المتوسط إلى 500 رسالة يومية سواء بالهاتف أو الفاكس أو عبر الإنترنت والبريد . رحم الله الشيخ رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ، انتهى.
المرجع :
عظماء بلا مدارس ، عبد الله صالح الجمعة حفظه الله ، ط / مكتبة العبيكان ” 67 – 72 ” ، فصل : الشيخ الداعية أحمد ديدات رحمه الله ، بتصرف.