بسم الله الرحمن الرحيم
بيبسي كولا مشروب الملايين
” الفشل في التخطيط يقود إلى التخطيط للفشل ”
كاليب برادهام* ( 1867 – 1934 ) :
الصيدلي المغمور الذي أنعش الملايين
من لم يتذوق طعم البيبسي ؟ هذا الشراب المرطب الذي دخل إلى أفواه الملايين ولم يترك زاوية من دون أن يغزوها في 195 دولة في مختلف أنحاء كوكب الأرض . يعمل لدى شركة بيبسي العالمية حوالي نصف مليون شخص في مصانعها والمطاعم التي تملكها .
فكرة بسيطة انطلقت من رأس صيدلي كان يحاول أن يركب دواء لمعالجة سوء الهضم وإذا به يكتشف شرابا لذيذا ومرطبا غير من نمط الأكل والشرب في العالم وصار يطلبه الصغير والكبير على حد سواء .
ولد كاليب برادهام عام 1867 في نيوبرن في الولايات المتحدة الأميركية . اضطر إلى ترك الجامعة قبل أن يتخرج من جامعة ميريلاند الطبية عندما أفلس والده وفشلت تجارته . وليكسب قوت يومه تحول كاليب برادهام إلى التعليم ودرّس في مدرسة أوكس سميث في نيوبرن إلى أن تزوج من سارة شاريتي كريدل .
ترك برادهام التدريس فيما بعد وعمل في صيدلية بولوك والتي اشتراها بعدما تمكن من مهنة الصيدلة ليتفرغ من ثم لأبحاثه في مزج الأعشاب الطبية واستخلاص الشراب منها إلى أن توصل إلى خلطة من شراب بنكهة الفواكه مع ماء الصودا .
وفي أحد أيام الصيف الحارة حين تزداد رطوبة الجو اكتشف كاليب برادهام – كان يبلغ من العمر آنذاك 22 عاما – شرابا لذيذا ومرطبا قدمه إلى زبائن الصيدلية لينجح هذا الشراب المرطب نجاحا لم يكن في الحسبان وكانت بداية بيبسي كولا وإن لم يكن اسمه كذلك آنذاك .
ولقد أيقن كاليب برادهام أن الناس سيقصدون صيدليته دون غيرها إذا قدم لهم شرابا ينعشهم في أيام الحر خاصة أنهم أحبوه وكانت خلطته اللذيذة المكونة من خلاصة نبتة الكولا والفانيليا إضافة إلى زيوت نادرة عرف آنذاك باسم ( شراب براد ) هي البداية .
نجح كاليب برادهام في مزيجه المنعش والذي بدأ يطلبه زبائن الصيدلية باستمرار وقرر أن يسميه ( بيبسي كولا ) لأنه وحسب وجهة نظره يعالج مرض سوء الهضم الذي يعرف بـ ( Dyspepsia ) إذ كان يسجل ملاحظات الزبائن وبالتالي يطور من نسب خلطته إلى أن حظي شرابه بشعبية عارمة .
بعد النجاح الباهر الذي حققه كاليب برادهام في خليطه السحري الذي أسماه بيبسي كولا قرر الإعلان عن هذا الشراب الغازي والمرطب مما جعله يطلب بكميات وفيرة وبدأت المبيعات بالارتفاع إلى درجة اقتنع معها بافتتاح شركة لتسويق شرابه المميز .
في عام 1902 أسست شركة بيبسي كولا وكان مقرها الغرفة الخلفية بصيدلية كاليب برادهام وتقدم ببراءة الاختراع ليسجل كماركة مسجلة وكان يخلط الشراب ويبيعه من خلال ماكينات مياه الصودا إلى أن قرر بيع البيبسي في قوارير صغيرة لتكون في متناول الجميع وفي كل مكان .
بعد أن تطور العمل بشكل ملحوظ وفي 16 يونيو 1903 حصلت بيبسي كولا على ماركتها المسجلة من مكتب تسجيل الماركات والعلامات التجارية في الولايات المتحدة الأميركية واستطاع كاليب برادهام بيع 7968 جالونا من بيبسي وكانت دعايته آنذاك تقول ( منعش ، مقوّ ، مهضم ) وبدأ ببيع حقوق امتياز لتعبئة بيبسي في العلب المعدنية والزجاجات وارتفع عدد الامتيازات من 2 عام 1905 إلى 15 في عام 1906 وإلى 40 في عام 1907م .
في عام 1909 بلغ نجاح بيبسي كولا الذروة إذ افتتح كاليب برادهام مقرا جديدا ورائعا كان مبعث اعتزاز لمدينة نيوبرن حيث وضعت صورته على البطاقات البريدية للمدينة وكان قبلها أي : في عام 1908 من أول الشركات التي تحولت من العربات إلى السيارات في نقل إنتاجها وفي عام 1910 أصبح لدى بيبسي كولا فروع في 24 ولاية أمريكية وازدادت مبيعات الشركة لتبلغ 000, 100 جالون في السنة .
بعد 17 عام من النجاح الباهر كانت الحرب العالمية الأولى ، مما أثر بشكل حاد في إنتاج ومبيعات بيبسي كولا متأثرة بما يجري حولها إذ تقلبت أسعار السكر مما اضطر كاليب إلى تخزين كميات كبيرة من السكر وبأسعار مرتفعة ثم ما لبثت أن انخفضت أسعارها إلى الحضيض وكانت الخسارة الفادحة التي لا يمكن تعويضها ولم يبق من مصانع بيبسي كولا سوى اثنين عام 1921م وعرض الاسم للبيع بعد أن عاد كاليب برادهام إلى صيدليته وبالفعل اشتراه ( روى ميغار غل ) والذي تعاقب بعده أربعة مالكين لم يستطيعوا جميعا إنقاذ بيبسي كولا من النكسة المادية التي وقعت فيها .
إلى أن جاء مصنّع شوكولاته ناجح يدعى ” تشارلز غوث ” . وكان هذا الشخص بمثابة المنقذ لبيبسي حيث استفادت الشركة من خبرته ومن أفكاره .
وبعد 15 سنة من الفشل من تاريخ إفلاس كاليب برادهام وقفت الشركة على رجليها مرة ثانية . وخلال الحرب العالمية الثانية عادت الشركة إلى الوراء وعانت الركود والوضع الاقتصادي المتأزم إذ لم يكن للناس – حينها – قابلية لدفع 5 سنتات مقابل مشروب مرطب إلى أن ضاعف ” غوث ” حجم البيبسي مقابل السعر نفسه منافسا بذلك شركات المرطبات الأخرى . عادت بيبسي للإقلاع من جديد بعد الحرب العالمية الثانية بأفكار جديدة وشعارات جديدة وإعلانات متميزة منها أغنية الدعاية الشهيرة Nickel ، Nickel .
تعتبر بيبسي العالمية من أفضل الشركات في العالم وترتيبها 21 في الشركات ال 500 الأولى في الولايات المتحدة وتملك بيبسي بيتزاهت وكنتاكي وسلسلة مطاعم تاكوبيل .
فكرة بسيطة ورغبة متواضعة اكتشفتا شرابا أسود اللون وصل إلى كل زاوية من الكرة الأرضية وطافت مياهه السوداء بكميات تستطيع أن تملأ الأنهار .
من فضلك قل ( اللهم فرج هم كل مهموم )
المرجع :
عظماء بلا مدارس ، عبد الله صالح الجمعة حفظه الله ، ط / العبيكان ” ص 215 – 219 ” ، فصل : كاليب برادهام ، بتصرف.