بسم الله الرحمن الرحيم
مع إطلالة العام الهجري الجديد 1434هـ أهدي لكم هذه الأطروحة لعلها تنال إعجابكم
ما أعطي محمد صلى الله عليه وسلم وما أعطي نوح عليه السلام وأيهما أفضل في الأعطية
قبل أن نبدأ اسمحوا لي أن نستعرض قطوف من سيرة نبي الله نوح عليه السلام
اسمه : هو نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ – وهو إدريس بن يرد بن مهلاييل بن قينن بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر عليه السلام .
كم كان بينه وبين آدم عليهما السلام :
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام . السبب في بعث نوح عليه السلام : وبالجملة فنوح عليه السلام إنما بعثه الله تعالى لما عبدت الأصنام والطواغيت وشرع الناس في الضلالة والكفر فبعثه الله رحمة للعباد فكان أول رسول بعث إلى أهل الأرض كما يقول أهل الموقف يوم القيامة .
سور القرآن التي ذكرت فيها قصته عليه السلام :
الأعراف ، يونس ، هود ، الأنبياء ، المؤمنون ، الشعراء ، العنكبوت ، الصافات ، القمر ، سورة نوح .
السور التي ورد فيها لفظ نوح عليه السلام بدون ذكر القصة :
النساء ، الأنعام ، التوبة ، إبراهيم ، الإسراء ، الأحزاب ، ص ، غافر ، الشورى ، ق ، الذاريات ، النجم ، الحديد ، التحريم . من فضائل سورة نوح :
يستحب قرآءتها في صلاة الاستسقاء لأجل قوله تعالى ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا … الآية )
لماذا وقعت سورة نوح بين سورة المعارج وسورة الجن :
سورة المعارج سورة نوح سورة الجن
والكلام هنا للمؤلف : أقول : أكثر ما ظهر في وجه اتصالها بما قبلها بعد طول الفكر أنه سبحانه لما قال في ” سأل ” * يقصد سورة المعارج ” ( إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم ) ” سورة المعارج ” عقبه بقصة قوم نوح المشتملة على إبادتهم عن آخرهم بحيث لم يبق منهم ديّار وبدّل خيرا منهم فوقع الاستدلال لما ختم به ” تبارك ” .
والكلام مازال للمؤلف : أقول : قد فكرت مدة في وجه اتصالها بما قبلها فلم يظهر لي سوى أنه قال في سورة نوح ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا … الآية ) ، وقال في هذه السورة ” يقصد سورة الجن ” ( وألوا استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا ) وهذا وجه بيّن في الارتباط .
صور التكذيب التي لقيها عليه السلام :
وكان كلما انقرض جيل وصوا من بعدهم بعدم الإيمان به ومحاربته ومخالفته وكان الوالد إذا بلغ ولده وعقل عنه كلامه وصاه فيما بينه وبينه ألا يؤمن بنوح أبدا ما عاش ودائما ما بقي .
فضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأمم :
كما قال البخاري حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا الأعمش عن أبي صال عن أبي سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يجيء نوح عليه السلام وأمته فيقول الله عز وجل هل بلغت ؟ فيقول : نعم أي رب فيقول لأمته هل بلغكم ؟ فيقولون لا ما جاءنا من نبي ! فيقول لنوح من شهد لك ؟ فيقول محمد وأمته فتشهد أنه قد بلغ ) ” تعليق ليس من المراجع : فضلا قل اللهم أصلح حال أمة محمد ” . وهو قوله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (143) سورة البقرة .
صفة سفينة نوح عليه السلام :
قال محمد بن إسحاق عن الثوري : وكانت من خشب الساج وقيل من الصنوبر وهو نص التوراة . وقال قتادة : كان طولها ثلاثمائة ذراع في عرض خمسين ذراعا وهذا الذي في التوراة على ما رأيته . وقال الحسن البصري : ستمائة في عرض ثلاثمائة . وعن ابن عباس : ألف ومائتا ذراع في عرض ستمائة ذراع . وقيل : كان طولها ألفي ذراع وعرضها مائة ذراع . وقال كلهم : وكان ارتفاعها ثلاثين ذراعا وكانت ثلاث طبقات كل واحدة عشرة أذرع : فالسفلى للدواب والوحوش والوسطى للناس والعليا للطيور. وكان بابها في عرضها ولها غطاء من فوقها مطبق عليها من كان معه في السفينة : وقد اختلف العلماء في عدة من كان معه في السفينة فنقول ببعض هذه الأقوال . وقيل : كانوا ثمانين نفساً معهم نساؤهم ، وقيل كانوا اثنين وسبعين ، وقيل كانوا عشرة .
أسرة نوح عليه السلام :
امرأة نوح وهي أم أولاده كلهم هم : حام وسام ويافث ويام ويسميه أهل الكتاب كنعان وهو الذي قد غرق وعابر فقد ماتت قبل الطوفان وقيل أنها غرقت مع من غرق فكانت ممن سبق عليه القول لكفرها .
متى ركبوا في السفينة :
وقال قتادة وغيره : ركبوا في السفينة في اليوم العاشر من شهر رجب فساروا مائة وخمسين يوماً واستقرت بهم على الجودي شهراً وكان خروجهم من السفينة في يوم عاشوراء من المحرم وقدر روي ابن جرير خبراً مرفوعاً يوافق هذا ، وأنهم صاموا يومهم ذلك .
ذكر شيء من أخبار نوح نفسه عليه السلام :
ذكر أنه من آباء البشر الثلاثة عليهم السلام :
قال ابن القيم رحمه الله أن أول أباء البشر هو آدم ثم نوح ثم إبراهيم عليهم الصلاة والسلام جميعا ً ” بتصرف “.
ذكر بكاءه عليه السلام على ابنه :
عن وهيب بن الورد قال : لما عاتب الله تعالى نوحاً في ابنه فأنزل عليه ( إني أعظك أن تكون من الجاهلين .. الآية ) ” سورة هود ” قال فبكى ثلاثمائة عام حتى صار تحت عينيه مثل الجداول من البكاء .
ذكر أكله وشربه عليه السلام :
قال الله تعالى ( إنه كان عبداً شكورا ) قيل أنه كان يحمد الله على طعامه وشرابه ولباسه وشأنه كله .
ذكر صومه عليه السلام :
عن أبي فراس أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : صام نوح الدهر إلا يوم عيد الفطر ويوم الأضحى .
ذكر حجه عليه السلام :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أتى وادي عسفان قال : يا أبا بكر أي وادٍ هذا ؟ قال هذا وادي عسفان . قال : لقد مر بهذا الوادي نوح وهود وإبراهيم مكبران لهم حمر خطهم الليف أرزهم البعاء وأوديتهم النماء يحجون البيت العتيق . فيه غرابة .
ذكر خوفه من الموت عليه السلام :
وروي عن وهب بن منبه أنه قال : قام نوح عليه السلام خمسمائة عام لا يقرب النساء وجلا من الموت وهو المطّلع .
ذكر استعداده للموت عليه السلام :
ذكر في بعض الأخبار أن جبريل عليه السلام هبط على نوح عليه السلام قال : فوجده قد عمل خصاّ ” البيت من القصب ” على البحر فقال : أيش هذا يا نوح ؟ فقال : يا جبريل هذا لمن يموت كثير فقال له جبريل عليه السلام : لتأتين أمة أعمارهم من الستين إلى السبعين يبنون بالحصى والآجر والحجر . فقال نوح عليه السلام ما كان هؤلاء أنهم يستفّون الرماد حتى يموتوا .
ذكر وصيته عليه السلام لولده :
وهي من حديث طويل نذكر الشاهد منها :
أن نبي الله نوحا عليه السلام لما حضرته الوفاة قال لابنه إني قاص عليك وصية آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين : آمرك بلا إله إلا الله فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله ، وبسبحان الله وبحمده فإن بها صلات كل شيء وبها يرزق الخلق . وأنهاك عن الشرك والكبر .
ذكر عمره الذي عاشه عليه السلام :
وقيل عن ابن عباس رضي الله عنه :
من أنه بعث وله أربعمائة وثمانون سنة ، وأنه مكث يدعوا قومه تسعمائة وخمسين سنة ، وأنه عاش بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة فيكون قد عاش على هذا ألف سنة وسبعمائة وثمانين سنة .
وبشكل أوضح بعث وله = 480 سنة مكث يدعوا = 950 سنة عاش بعد الطوفان = 350 سنة عمره عليه السلام = 1.780 سنة
القول فيما أوتي نوح عليه السلام :
قال الله تعالى : ( فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ، ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر ، وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر ، وحملناه على ذات ألواح ودسر ، تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر ، ولقد تركنها آية فهل من مدكر ) ( القمر 10-15 ) . قال شيخنا العلامة أبو المعالي محمد بن علي الأنصاري الزملكاني ، ومن خطه نقلت : وبيان أن كل معجزة لنبي فلنبينا أمثالها ، إذا تم يستدعي كلاماً طويلاً ، وتفصيلاً لا يسعه مجلدات عديدة ، ولكن ننبه بالبعض على البعض ، فلنذكر جلائل معجزات الأنبياء عليهم السلام ، فمنها نجاة نوح في السفينة بالمؤمنين ، ولاشك أن حمل الماء للناس من غير سفينة أعظم من السلوك عليه في السفنية ، وقد مشى كثير من الأولياء على متن الماء ، وفي قصة العلاء بن زيادة ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك ، روى منجاب قال : غزونا مع العلاء بن الحضرمي دارين ، فدعا بثلاث دعوات فاستجيبت له ، فنزلنا منزلاً فطلب الماء فلم يجده ، فقام وصلى ركعتين وقال : اللهم إنا عبيدك وفي سبيلك ، نقاتل عدوك ، اللهم اسقنا غيثاً نتوضأ به ونشرب ، ولا يكون لأحد فيه نصيب غيرنا ، فسرنا قليلاً فإذا نحن بماء حين أقلعت السماء عنه ، فتوضأنا منه وتزودنا ، وملأت إداوتي وتركتها مكانها حتى انظر هل استجيب له أم لا ، فسرنا قليلاً ثم قلت لأصحابي : نسيت إداوتي ، فرجعت إلى ذلك المكان فكأنه لم يصبه ماء قط ، ثم سرنا حتى أتينا دارين والبحر بيننا وبينهم ، فقال : يا علي يا حكيم ،إنا عبيدك ، وفي سبيلك ، نقاتل عدوك ، أللهم فاجعل لنا إليهم سبيلاً ، فدخلنا البحر فلم يبلغ الماء لبودنا ، ومشينا على متن الماء ولم يبتل لنا شيء ، وذكر بقية القصة . الشاهد : فهذا أبلغ من ركوب السفينة ، فإن حمل الماء للسفينة معتاد ، وأبلغ من فلق البحر لموسى ، فإن هناك انحسر الماء حتى مشوا على الأرض ، فالعجز انحسار الماء ، وهاهنا صار الماء جسداً يمشون عليه كالأرض ، وإنما هذا منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبركته ، انتهى ما ذكره بحروفه فيما يتعلق بنوح عليه السلام . وهذه القصة التي ساقها شيخنا ذكرها الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه الدلائل من طريق أبي بكر بن أبي الدنيا عن أبي كريب عن محمد بن فضيل عن الصلت بن مطر العجلي عن عبد الملك ابن أخت سهم عن سهم بن منجاب قال ، غزونا مع العلاء بن الحضرمي فذكره ، وقد ذكرها البخاري في ( التاريخ الكبير ) من وجه آخر . لطفاً قل ( اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان )
المراجع المؤلف تفسير القرآن العظيم . البداية والنهاية . قصص الأنبياء ابن كثير الدمشقي رحمه الله . بستان الواعظين ورياض السامعين ابن الجوزي رحمه الله . جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام ابن قيم الجوزية رحمه الله . أسرار ترتيب سور القرآن جلال الدين السيوطي رحمه الله . التوابين ابن قدامة المقدسي رحمه الله