بسم الله الرحمن الرحيم
قطوف من السيرة المحمدية
على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم
” العناوين “
ما عرضته قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قريش تمتحن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فائدة عن ” قول إن شاء الله ” ، المراجع .
” التفاصيل “
ما عرضته قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم :
سبق وأن تحدثنا عن هذه النقطة في قطوف من السيرة المحمدية رقم 18 وبالتحديد حديثه صلى الله عليه وسلم مع عتبة بن ربيعة مما يغني عن إعادته هاهنا .
قريش تمتحن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لم تكتف قريش بهذا كله بل أردوا إحراجه عليه الصلاة والسلام بالأسئلة فبعثوا النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة وقالوا لهما سلاهم عن محمد وصفا لهم صفته وأخبراهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم علم ليس عندنا من علم الأنبياء ، فخرجا حتى قدما المدينة فسألا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفا لهم أمره وأخبراهم ببعض قوله وقالا لهم إنكم أهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا ، فقالت لهم أحبار يهود : سلوه عن ثلاثة نأمركم بهن فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل ، وإن لم يفعل فالرجل متقوّل فروا فيه رأيكم .
سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم فإنه قد كان لهم حديث عجيب ، وسلوه عن رجل طوّاف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه ، وسلوه عن الروح وما هي ، فإذا أخبركم بذلك فاتبعوه فإنه نبي وإن لم يفعل فهو رجل متقوّل .
فأقبل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط حتى قدما مكة على قريش فقالا : يا معشر قريش قد جئنا بفصل ما بينكم وبين محمد ، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أشياء فإن أخبركم عنه فهو نبي وإن لم يفعل فالرجل متقوّل فروا فيه رأيكم .
فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد أخبرنا عن فتية ذهبوا في الدهر الأول كانت لهم قصة عجب ، وعن رجل كان طوافا قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، وأخبرنا عن الروح وما هي ؟
فقال لهم رسول الله : ” أخبركم بما سألتم عنه غدا ” ولم يستثن ” أي لم يقل إن شاء الله ” ، فانصرفوا عنه فمكث رسول الله خمس عشرة ليلة لا يحدث الله إليه وحيا ولا يأتيه جبريل حتى أرجف أهل مكة وقالوا : وعدنا محمد غدا واليوم خمس عشر ليلة قد أصبحنا منها لا يخبرنا بشيء مما سألنه عنه ، فشق على رسول الله صلى الله عليه وسلم تأخير الوحي وما يتكلم به أهل مكة ، ثم جاءه جبريل عليه السلام بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه .
قال المفسرون : إن القوم لما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن المسائل الثلاث قال عليه السلام : ” أجيبكم عنها غدا ” ولم يقل إن شاء الله ، فاحتبس الوحي خمسة عشر يوما ثم نزل قوله تعالى : ” ولا تقولن لشائ إني فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا ” .
جاء جبريل عليه السلام من الله تعالى بخبر ما سألوه عنه ، فقال تعالى في شأن الفتية : ” أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من ءاياتنا عجبا ” .
وقال فيما سألوه عنه من أمر الرجل الطوّاف : ” ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا * إنا مكنا له في الأرض وءاتيناه من كل شيء سببا * فأتبع سببا ” إلى آخر القصة .
وقال تعالى فيما سألوه عنه من أمر الروح : ” ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ” .
فائدة عن الاستثناء ” قول إن شاء الله ” :
لا بد من ذكر هذا القول – إن شاء الله – هو أن الإنسان إذا قال سأفعل الفعل الفلاني غدا لم يبعد أن يموت – لا قدر الله – قبل مجيء الغد ولم يبعد أيضا لو بقي حيا أن يعوقه عن ذلك الفعل شيء من العوائق فإذا كان لم يقل إن شاء الله صار كاذبا في ذلك الوعد ، والكذب منفر وذلك لا يليق بالأنبياء عليهم السلام .
قال ابن عباس ومجاهد والحسن وغيرهم : معناه إذا نسيت الاستثناء ثم ذكرت فاستثن .
– انتهى –
فاللهم صل وسلم على نبينا وحبيبنا محمد ” عليه الصلاة والسلام “
المراجع :
– من كتاب محمد صلى الله عليه وسلم للمؤلف أ . محمد رضا رحمه الله – فصل : ما عرضته قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قريش تمتحن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
– من كتاب مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين – للمؤلف الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله – الجزء الثالث ، فصل في منزلة الذكر .