سميت بذلك لتعارف آدم وحواء فيها ، أو لأن جبريل عليه السلام عرف فيها إبراهيم عليه السلام المناسك ، ثم سأله هل عرفت ؟ قال : نعم ، قال ابن عباس : فمن ثم سميت عرفة ، أو لأن الناس يعترفون فيها بذنوبهم ، وغير ذلك ، وهي مشعر خارج حدود الحرم .
وهناك لوحات إرشادية في مختلف الجهات لتعيين حدود عرفات ويجتمع فيها كافة الحجاج في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة ويصلون الظهر والعصر قصراً وجمعاً جمع تقديم بآذان وإقامتين ، ويدعون بما تيسر تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم القائل : الحج عرفة ، وكل عرفة موقف .
وقد ورد ذكرها في قوله تعالى : { فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ } (198) سورة البقرة ، ومنه نزل قوله تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } (3) سورة المائدة ، كما قال عمر رضي الله عنه أنزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة ، و به جبل الرحمة والصخرات التي وقف عندها النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة يدعو الله عز وجل ، وقال صلى الله عليه وسلم وقفت ههنا وعرفة كلها موقف .
وكانت ومازالت حكومة المملكة العربية السعودية تعمل لراحة الحجاج من خلال تمهيد الشوارع وتوسعتها وإنارتها وتزويدها بالمياه النقية والمراكز الصحية والأمنية ، ويتمثل ذلك من ربط عرفة بالمزدلفة بتسعة طرق طولية تتكون كل منها من ثلاث مسارات ، وتنفيذ طريق عرفات الدائري ، وطرق طولية وعرضية ومواقف جانبية في عرفات ، إضافة إلى المواقف لحجاج البر بمساح 240 ألف متر مربع ، ومواقف لحجاج الداخل بمساحة 250 ألف متر مربع ، وفي سنة 1414هـ نفذ مشروع لتلطيف جو المنطقة المحيطة بمسجد نمرة وجبل الرحمة ، وذلك بتكسير المياه إلى أجزاء صغيرة تنطلق في الهواء بمضخات مياه قوتها 15 حصاناً من خلال المواسير المزودة برشاشات مياه تضخ نحو (140) متراً مكعباً من المياه في الساعة ، كما تم غرس نحو مائة ألف شجرة النيم في عرفات لتوفر الظل وتلطف الجو وتمتص الحرارة وتقلل تأثير أشعة الشمس .
مسجد نمرة :
بفتح النون وكسر الميم وسكونها ، ونمرة جبل غرب المسجد وبه يسمى مسجد نمرة ونزل النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في خيمة بنمرة ، وبعد زوال الشمس انتقل إلى بطن وادي عرنة وخطب وصلى ، ثم انتقل إلى موقفه بالصخرات ، وبعد غروب الشمس تحرك منها إلى المزدلفة .
التوسعة والعمارة السعودية :
وقد تمت توسعته وعمارته في العهد السعودي بتكلفة (237) مليون ريال ، وطوله من الشرق إلى الغرب 340 م ، وعرضه من الشمال إلى الجنوب 240 م ، ومساحته أكثر من (110) ألف متر مربع منها نحو ( 28.800 ) م2 للجزء الخلفي المبني بدورين بطول ( 120 ) م ، ويوجد خلف المسجد مساحة مظللة قدرها ( 8000 ) م2 ، ويستوعب المسجد نحو (350) ألف مصل ، وله ست مآذن ارتفاع كل منها (60) م ، وثلاث قباب وعشرة مداخل رئيسية تحتوي (64) باباً ، وهو مكيف بـ (663) وحدة تكييف ، وبه غرفة للإذاعة الخارجية مجهزة لنقل الشعائر بالأقمار الصناعية إلى أنحاء العالم ، ويليه أكثر من ألف دورة مياه و (15) الف صنبور للوضوء ، وخزانان علويان للمياه سعة كل منهما (4500) متر مكعب .
مسجد الصخرات :
وهو بعرفات أسفل جبل الرحمة على يمين الصاعد إليه وهو مرتفع قليلا عن الأرض المحيطة به جدار قصير ، وفيه صخرات كبار وقف عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة وهو على ناقته القصواء ، كما في حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر في موضع مسجد نمرة ثم ركب حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات ، وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة ، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص … . وفي هذا الموقف نزل عليه صلى الله عليه وسلم { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } (3) سورة المائدة ، وأحيط هذا الموقف بجدار طوله من جهة القبلة ( 13.3 ) م والجدار الذي على يمينه ويساره ( 8 ) م ، أما الجدار المقابل للقبلة فدائري غير مستقيم . قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله : يوجد على يمين الصاعد في سفح الجبل جنوبا مصطبة مفروشة محاطة بجدار قصير نحو نصف متر ، وهي التي تسمى مسجد الصخرات .
جبل الرحمة :
ويسمى إلال ( بفتح الهمزة وكسرها ) والنابت ( أنه كالنبتة في الأرض السهل ، والقرين ( بضم القاف ) وهو جبل صغير يتكون من حجارة صلبة كبيرة يقع في شرق عرفات بين الطريق رقم 7 و 8 عند تقاطع خط عرض 02 ، 21 ، 21 ، شمالاً ، وخط طول 05 ، 69 ، 39 .شرقاً ، ومسجد نمرة على بعد نحو (1.5 ) كم منه ، ودرجه في الجهة الجنوبية منه بعدد 168 درجة ، وسطح الجبل مستو واسع يدور عليه حائط ساند ارتفاعه نحو (57) سم ، وفي منتصف الساحة دكة مرتفعة بحوالي (40) سم وعلى طرفها علم إرشادي مربع بارتفاع 8 م وعرض 1.80 م من كل جهة ، وبأسفل هذا الجبل مسجد الصخرات ومجرى عين زبيدة ، ويحيطه في السهل رشاشات الماء بارتفاع نحو 4 م في أعلاها أنابيب متحركة لرش المياه وقت الوقوف لتلطيف الجو ولتخفيف حرارة الشمس عن الواقفين عنده من الحجيج .
وادي عرنة :
بضم العين من أودية مكة المكرمة ، والجزء المقدم من مسجد نمرة يقع في هذا الوادي وهو خارج عن عرفات ، وداخل في الجبل ، وليس بمشعر، وهو حد فاصل بين الحل والحرم. انتهى.
المرجع :
تاريخ مكة المكرمة قديما وحديثا ، د / محمد إلياس عبد الغني حفظه الله ، ط / فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية ” 115 ، 120 ” ، فصل : المشاعر ” عرفات ” ، بتصرف.