” وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام “- المتنبي –
الأديب والكاتب الكبير : عباس محمود العقاد “1889 – 1964″ :
العبقري صاحب ” العبقريات ”
ولد عباس محمود العقاد في مدينة أسوان بصعيد مصر في 28 يونيو عام 1889 ونشأ في أسرة كريمة وتلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة أسوان الأميرية كان يتردد مع والده على مجالس علماء الأزهر فأحب القراءة وتعلم نظم الشعر وأقبل على تثقيف نفسه ثقافة واسعة .
تخرج العقاد من المدرسة الابتدائية سنة 1903 إلاّ أنه لم يكمل تعليمه بعدها إذ عمل بمصنع للحرير في مدينة دمياط لكنه في الوقت نفسه كان مولعا بالقراءة في مختلف المجالات وقد أنفق معظم نقوده على شراء الكتب .
عمل العقاد بعد ذلك موظفاً حكومياً بمدينة قنا والزقازيق ثم انتقل إلى القاهرة ليستقر فيها نهائياً . فاشترك مع ” محمد فريد وجدي ” في إصدار صحيفة الدستور عام 1907 وكان إصدار هذه الصحيفة فرصة لكي يتعرف العقاد بسعد زغلول ويؤمن بمبادئه وتوقفت الصحيفة بعد فترة . ثم انتقل للعمل في جريدة المؤيد عام 1912م .
كان العقاد يمر بضائقة مالية في تلك الفترة مما اضطره إلى إعطاء بعض الدروس ليحصل على قوت يومه فعمل مدرساً عام 1917م . وانتقل للعمل في الأهرام عام 1919 ودافع كثيراً عن سياسة سعد زغلول حول أسلوبه للمفاوضات مع الإنجليز . كان العقاد منتمياً لحزب الوفد حتى عام 1935 عندما انسحب من العمل السياسي إثر اصطدامه بزعيم الحزب آنذاك مصطفى النحاس وبدأ يتجه نحو التأليف والكتابة إلى الصحف أو تحرير بعضها من روز اليوسف والهلال وأخبار اليوم ومجلة الأزهر .
ولم يتوقف إنتاجه الأدبي أبدا رغم ما مر به من ظروف قاسية : إذ كان يكتب المقالات ويرسلها إلى مجلة فصول كما كان يترجم لها بعض الموضوعات .
أما عن أعماله الأدبية فهي كثيرة للغاية ويصعب حصرها إلا أنه بدأ إنتاجه الشعري قبل الحرب العالمية الأولى وظهرت الطبعة الأولى من ديوانه سنة 1916م والطبعة الثانية سنة 1928م في أربعة أجزاء وتوالت بعد ذلك مجموعاته الشعرية بعناوين مختلفة : ( وحي الأربعين ) و ( هدية الكروان ) و ( عابر سبيل ) ..
وقد أسس العقاد بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري مدرسة الديوان وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن شكله التقليدي العتيق .
وقد عني العقاد بابن الرومي وكتب عنه كتاباً كبيراً وقد غلب فن المقالة على إنتاج العقاد إلا أن من أشهر أعمال العقاد سلسلة العبقريات التي تناولت بالتفاصيل سير أعلام الإسلام : عبقرية محمد ( صلى الله وسلم على نبينا محمد ) وعبقرية عمر وعبقرية خالد وغيرها .. ولم يكتب إلا رواية واحدة هي ” سارة ” ، ومن أهم مؤلفاته أيضاً : الفلسفة القرآنية ، الله ، إبليس ، والإنسان في القرآن الكريم ومراجعات في الأدب والفنون .
ظل العقاد عظيم الإنتاج حتى تجاوزت كتبه مئة كتاب وآلاف المقالات في الصحف والمجلات متبوئاً مكانة عالية في النهضة الأدبية الحديثة وقد عاش من قلمه وكتبه مترفعاً عن الوظائف والمناصب لا كرها فيها بل صوناً لحريته واعتزازه بها وخوفاً من أن تنازعه الوظائف عشقه للمعرفة.
في عنفوان نشاط الوفد المصري كان العقاد يكتب الافتتاحيات السياسية في جرائده مثل ( البلاغ ) و ( الجهاد ) وكتب سيرة للزعيم سعد باشا زغلول سنة 1936م . وصدرت عن العقاد عدة بحوث أهمها للآن كتاب بقلم تلاميذه .
وقد منحه الرئيس المصري جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب غير أنه رفض تسلمها .
توفي العقاد في 12 مارس عام 1964م عن خمسة وسبعين عاماً فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ، انتهى.
المرجع :
عظماء بلا مدارس ، عبد الله صالح الجمعة حفظه الله ، ط / مكتبة العبيكان ” 113 – 115 ” ، فصل : الأديب عباس محمود العقاد ، بتصرف.