مما رويَ عن الإمام ابن الجوزي أنه قال : لقد رأيت خلقاً كثيراً اشغلوني بكثرة الزيارة ، ويُسمون ذلك التردّد خدمة ، ويطلبون الجلوس ، ويتكلمون معي فيما يعني ، وما لا يعني ، ويتخلّله غِيبة ، وهذا شيءٌ يفعله في زماننا كثيرٌ من الناس ، وخصوصاً في أيام التّهاني والأعياد ، فتراهم يمشي بعضُهم إلى بعض ، ولا يقتصرون على الهناء والسلام ، بل يمزُجون ذلك بما ذكرته من تضييع الزّمان. فلما رأيت أنّ الزمان أشرفُ شيء ، والواجب انتهاؤه بفعل الخير ، كرهت ذلك ، وصرت أُدافع باللقاء جَهدي ، فإذا غُلِبْتُ ، قصّرْتُ في الكلام لأتعجّل الفراق ، ثم أعددت أعمالاً تمنع من المُحادثة لأوقات لقائهم لئلا يمضي الزمان فارغاً ، فجعلت من المستعد للقائهم قطعُ القرطاس ، وبريُ الأقلام ، وحزمُ الدفاتر ، فإن هذه الأشياء لابدّ منها ، ولا تحتاجُ إلى فكرٍ وحضور قلب ، فأرصدتُها لأوقات زيارتهم ، لئلا يضيع شيءٌ من وقتي ، انتهى.
الشاهد :
إن لم تشغلهم أشغلوك.
المرجع :
صيّد الخاطر ، الإمام ابن الجوزي رحمه الله ، ط / اليمامة ” 260 ، 261 ” ، فصل : الإنكار على البطّالين وترك صحبتهم ، بتصرف.
انستقرام : dramy2010
صورة رقم : 454