الحسبة مؤسسة إدارية ، وأول من مارس مهماتها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حيث كان يتجول في أسواق المدينة للمراقبة ، فقد روت السنة أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر على صاحب الطعام فأدخل يده فوجد بللاً ، فقال : ما هذا يا صاحب الطعام ؟ فقال : قد أصابته السماء يا رسول الله – فقال : هلّا جعلته أعلى ليراه الناس ؟ من غشنا ليس منا .ووظيفة المحتسب هي النظر فيما يتعلق بالنظام العام والجنايات أحياناً مما يحتاج الفصل فيها إلى السرعة ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقوم بعمل المحتسب ولو أن هذا اللفظ لم يستعمل إلا في عهد الخليفة المهدي العباسي ( 158-169 هـ ) وقد رؤي عمر يضرب جمّالاً ويقول له ” حملت جملك ما لا يطيق ” . فالمحتسب يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويحافظ على الآداب والفضيلة والأمانة ، وينظر في مراعاة أحكام الشرع ، ويشرف على نظام الأسواق ، ويحول دون بروز الحوانيت ، ويكشف على الموازين والمكاييل تجنباً للتطفيف ، ويعاقب من يعبث بالشريعة أو يرفع الأثمان ، ويقول ابن خلدون ( المقدمة ص 196 ) :
” وليس له امضاء الحكم في الدعاوي مطلقاً بل فيما يتعلق بالغش والتدليس في المعايش وغيرها ، وفي المكاييل والموازين ، وله أيضاً حمل المماطلين على الانصاف ، وأمثال ذلك مما ليس فيه سماع بينة ولا انفاذ حكم ” . وهي اختصاصات تشبه إلى حد كبير اختصاصات القضاء الاداري أو ” الامبدزمان ” في نظام الادارة بالدولة الاسكندنافية.
ولاتساع هذه الاختصاصات وارتباطها بالأمور الشرعية وبالعدل أشار الفقهاء إلى وجوب توافر عدد من الصفات في الشخص الذي يراد توليته لهذا المنصب وهي :
- أن يكون مسلماً حراً بالغاً عادلاً.
- أن يكون مجربا فقيها عارفا بأحكام الشريعة الاسلامية ليعلم ما يأمر به وما ينهى عنه.
- أن يعمل بما يعلم وألا يكون قوله مخالفاً لفعله.
- أن يكون عفيفاً عن أموال الناس ذا رأي .
- أن يوطن نفسه على الصبر وأن يقصد بقوله وفعله وجه الله وطلب مرضاته ، انتهى.
ملاحظة :
الدول الاسكندنافية هي شبه جزيرة تقع في شمال قارة أوروبا وتتكون من الممالك التالية الدنمارك، النرويج، السويد، وأحياناً تشمل دول أخرى مثل فنلندا، وأيسلندا، وجزر فارو، وذلك للتقارب التاريخي والحضاري والعلاقات الثقافية التي تربط هذه الدول مع الدول الإسكندنافية الأساسية الدنمارك، والنرويج، والسويد.
الشاهد :
قال الله تعالى : { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ } (110) سورة آل عمران.
المراجع :
* الإدارة في الإسلام ، د / أحمد إبراهيم أبو سنّ ، ط / دار الخريجي ” ص 44 – 45 ” ، القسم الأول ، الفصل الرابع ، مبحث : الحسبة ، بتصرف.
* الشبكة العنكبوتية.