23. قطوف من السيرة المحمدية ” نبينا الكريم شخصية تخطيطية من الدرجة الأولى “

                   بسم الله الرحمن الرحيم

قطوف من السيرة المحمدية

على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم

 ” العناوين “

تعريف التخطيط ، التخطيط في المجتمع الإسلامي بمكة ، رب العزة والجلال يخطط لنبيه صلى الله عليه وسلم آلية الدعوة ، النبي الكريم صلى الله عليه وسلم شخصية تخطيطية من الدرجة الأولى ، دورس وعبر من الهجرة الأولى والثانية للحبشة ، المراجع .

” التفاصيل “

تعريف التخطيط :

التخطيط هو دراسة البدائل المختلفة لأداء عمل معين ثم الوصول إلى أفضل البدائل الممكنة والتي تحقق هدفا معينا في وقت معين ، وفي حدود الامكانات المتاحة تحت الظروف والملابسات القائمة .

ويعتبر التخطيط من أهم وظائف القيادة الإدارية ، بل هو أول المراحل الإدارية لأي عمل عام .

التخطيط في المجتمع الإسلامي بمكة :

لقد كان المجتمع الاسلامي في بداية نشأته مجتمعا صغيرا يقوم على منهج محدد هو الدعوة إلى عبادة الله في الأرض ، وإقامة العدل والمساواة بين المسلمين ومن خالطهم من الناس .

والمجتمع الاسلامي في مختلف عصوره قد شهد صورا كثيرة من التخطيط ولم يكن ثمة خلاف بينه وبين التخطيط المعاصر إلا في الوسائل وحجم الخطة ، ولكنه في واقعه كان يشتمل على عناصر الإعداد والتنفيذ ويدخل في كافة نشاط الدولة السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والحربية .

رب العزة يخطط لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم آلية الدعوة وكيفيتها :

السياسات العامة والمبادئ والأسس التي تقوم عليها الدولة المسلمة هي من وضع الله سبحانه وتعالى . فهو جل شأنه يضع السياسة العامة ويبلغها الرسول صلى الله عليه وسلم ليقوم بالتنفيذ المرحلي مهتديا بالأسس والمبادئ المنزلة ، ومعتمدا على ما يناسب الظرف المعين حسبما يقرره هو ومستشاروه .

ظلت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم تعمل في الخفاء بضع سنوات قبل أن يأذن الله له بالجهر بها في قوله تعالى ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ) ، وخطط له الله سبحانه وتعالى أن يبدأ بانذار عشيرته الأقربين لأنهم أولى ولأنهم إذا اقتنعوا بدعوته كان ذلك أدعى لبقية  الناس بالاقتناع بها فقال : ( وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ، فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون وتوكل على العزيز الرحيم … )

 ومن جانب آخر حدد لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم أسلوب الدعوة فقال : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعمل بالمهتدين ) ” سورة النحل – 125 ” .

نبينا الكريم شخصية تخطيطية من الدرجة الأولى :

التخطيط لتنفيذ السياسة العامة وهي دعوة الناس للإيمان بالله والتمسك بذلك الإيمان ومزاولة شعائره فقد ظهرت بادئ ذي بدء في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة الأولى عند اشتداد وطأة قريش واضطادهم للمسلمين كما أسلفنا من قبل .

وكانت هجرة المسلمين للحبشة  دليلا قاطعا لدقة تخطيط الرسول صلى الله عليه وسلم لمستقبل الإسلام والحفاظ على المسلمين الأوائل – نواة الهداية – من أذى قريش .

دروس وعبر من الهجرتين للحبشة :

  • إن اثبات المؤمنين على عقيدتهم بعد أن ينزل بهم الأشرار والضالون أنواع العذاب والاضطهاد دليل على صدق إيمانهم وإخلاصهم في معتقداتهم ، وسمو أنفسهم وأرواحهم ، بحيث يرون ما هم عليه من راحة الضمير واطمئنان النفس والعقل ، وما يأملونه من رضى الله جل شأنه أعظم بكثير مما ينال أجسادهم من تعذيب وحرمان واضطهاد .
  • إن السيطرة في المؤمنين الصادقين والدعاة المخلصين ، تكون دائماً وأبداً لأرواحهم
    لا لأجسامهم ، وهم يسرعون إلى تلبية مطالب أرواحهم من حيث لا ينالون بما تطلبه جسومهم من راحة وشبع ولذة ، وبهذا تنصر الدعوات ، وبهذا تتحرر الجماهير من الظلمات والجهالات .
  • إن في قول الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك القول لعمه أبو طالب ، وفي رفضه ما عرضته عليه قريش من مال وملك ، دليل على صدقه في دعوى الرسالة ، وحرصه على هداية الناس ، وكذلك ينبغي أن يكون الداعية مصمماً على الاستمرار في دعوته مهما تألب عليه المبطلون ، معرضاً عن إغراء  المبطلين بالجاه والمناصب ، فالمتاعب في سبيل الحق لدى المؤمنين راحة لضمائرهم وقلوبهم ورضى الله وجنته أعز وأغلى عندهم من كل مناصب الدنيا وجاهها وأموالها .
  • إن على الداعية أن يجتمع بأنصاره على فترات في كل نهار أو أسبوع ، ليزيدهم إيماناً بدعوتهم وليعلمهم طرقها وأساليبها وآدابها ، وإذا خشي على نفسه وجماعته من الاجتماع بهم علناً وجب عليه أن يكون اجتماعه بهم سراً لئلا يجمع المبطلون أمرهم فيقضوا عليهم جميعاً ، أو يزدادوا في تعذيبهم واضطهادهم .
  • إن على الداعية أن يهتم بأقربائه ، فيبلغهم دعوة الإصلاح ، فإذا أعرضوا كان له عذر أمام الله والناس عما هم عليه من فساد وضلال .
  • أن على الداعية اذا وجد جماعته في خطر على حياتهم أو معتقداتهم من الفتنة ، أن  يهيىء لهم مكاناً يأمنون فيه من عدوان المبطلين ، ولا ينافي ذلك ما يجب على دعاة الحق من تضحية ، فإنهم إذا كانوا قلة استطاع المبطلون أن يقضوا عليهم قضاءا  مبرماً ، فيتخلصوا من دعوتهم ، وفي وجودهم في مكان آمن  ضمان لاستمرار الدعوة وانتشارها .
  • إن في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أولاً وثانياً بالهجرة إلى الحبشة ما يدل على ان رابطة الدين بين المتدينين ولو اختلفت دياناتهم هي أقوى وأوثق من رابطتهم مع الوثنيين والملحدين فالديانات السماوية في مصدرها وأصولها الصحيحة متفقة في الأهداف الاجتماعية الكبرى ، كما هي متفقة في الإيمان بالله ورسله واليوم الآخر ، وهذا ما يجعل وشائج القربى بينها أوثق من أية وشيجة من قرابة أو دم أو موطن مع الإلحاد والوثنية والكفر بشرائع الله .
  • إن المبطلين لا يستسلمون أمام أهل الحق بسهولة ويسر ، فهم كلما أخفقت لهم وسيلة من وسائل المقاومة والقضاء على دعوة الحق ابتكروا وسائل أخرى ، وهكذا حتى ينصر الحق انتصاره النهائي ويلفظ الباطل أنفاسه الأخيرة .

–        انتهى –

                                   فاللهم صل وسلم على نبينا وحبيبنا محمد ” عليه الصلاة والسلام “

المراجع :

–        من كتاب الإدارة في الاسلام للمؤلف د / أحمد إبراهيم أبو سن  –  القسم الثاني : العملية الإدارية في الإسلام – الفصل الخامس : التخطيط والتنظيم .

–        من كتاب دروس وعبر من السيرة النبوية للمؤلف أ / مصطفى السباعي – الفصل الثامن : مبحث : التنادي بالجهاد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *