26. قطوف من السيرة المحمدية ” لماذا أطلق عليه عام الحزن “

  بسم الله الرحمن الرحيم

قطوف من السيرة المحمدية

على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم

 ” العناوين “

ما الفرق بين الحزم والغم والهم ،  وفاة أبي طالب ، دور أبي طالب للإسلام  ، أم المؤمنين خديجة إلى رحمة الله ،  نبذة عن فضل أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ، تراكم الأحزان ، من الذي سمى هذا العام بعام الحزن ، الزواج بأول أمهات المؤمنين بعد أم المؤمنين خديجة  ، المراجع .

” التفاصيل “

     ما الفرق بين الحزن والغم و الهم :

 الحزن : بضم الحاء المهملة ، وإسكان الزاي ، وهو الغم على الفائت وبفتحهما ضد السرور ، قيل : والفرق بين الهم والحزن أن الهم إنما يكون لأمر متوقع ، وأما الحزن يكون من أمر قد وقع ، وقيل أيضا أن الهم يكون للمستقبل وأما الحزن فيكون على الماضي ، وقيل : الفرق بينهما بالشدة والضعف فالهم أشد في النفس من الحزن لما يحصل فيها من الغم بسببه .

وفاة أبي طالب :

ألح المرض بأبي طالب ، فلم يلبث أن وافته المنية ، وكانت وفاته في رجب سنة عشر من النبوة ، بعد الخروج من الشعب بستة أشهر . وقيل : توفي في رمضان قبل وفاة خديجة رضي الله عنها بثلاثة أيام .

وفي الصحيح عن المسيب : أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل ، فقال : ” أي عم ، قل : لا إله إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله ، فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية : با أبا طالب ، ترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزالا يكلماه حتى قال آخر شيء كلمهم به : على ملة عبد المطلب . ولما مات أبو طالب قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ” رحمك الله وغفر لك لا أزال استغفر لك حتى ينهاني الله ” ، فأخذ المسلمون يستغفرون لموتاهم الذين ماتوا وهم مشركون فأنزل الله : ( ما كان للنبي والذين أمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) ” سورة التوبة 113 ” ونزلت ( إنك لا تهدي من أحببت ) ” سورة القصص 56 ” .

دور أبي طالب للإسلام :

ولا حاجة إلى بيان ما كان عليه أبو طالب من  الحياطة والمنع ، فقد كان الحصن الذي تحتمي به الدعوة الاسلامية من هجمات الكبراء والسفهاء ، ولكنه بقي على ملة الأشياخ من أجداده ، فلم يفلح كل الفلاح ، ففي الصحيح عن العباس بن عبد المطلب ، قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ما أغنيت عن عمك ، فإنه كان يحوطك ويغصب لك ؟ قال : ( هو في ضحضاح من نار ، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار ) . وعن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم – وذكر عند عمه – فقال : لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة ، فيجعل في ضحضاح من النار تبلغ كعبيه .

أم المؤمنين خديجة إلى رحمة الله :

وبعد وفاة أبو طالب بنحو شهرين أو ثلاثة – على اختلاف القولين – توفيت أم المؤمنين خديجة الكبرى رضي الله عنها ، كانت وفاتها في شهر رمضان في السنة العاشرة من النبوة ، ولها خمس وستون سنة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذاك في الخمسين من عمره .

نبذة عن فضل أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها :

إن خديجة كانت من نعم الله الجليلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بقيت معه ربع قرن تحن عليه ساعة قلقه ، وتؤازره في احرج أوقاته ، وتعينه على إبلاغ رسالته ، وتشاركه في مغارم الجهاد المر ، وتواسيه بنفسها ومالها ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( آمنت بي حين  كفر بي  الناس وصدقتني حين كذبني الناس ، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس ، ورزقني الله ولدها ، وحرم ولد غيرها ) . وفي الصحيح عن أبي هريرة قال : أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله هذه خديجة ، قد أتت ، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فأقرأ عليها السلام من ربها ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب .

تراكم الأحزان :

وقعت هاتان الحادثتان المؤلمتان خلال أيام معدودة ، فاهتزت مشاعر الحزن والألم في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم لم تزل تتوالى عليه المصائب من قومه ، فقد كانوا تجرؤوا عليه وكاشفوه بالنكال والأذى بعد موت أبي طالب ، فازداد غماً على غم ، حتى يئس منهم وخرج إلى الطائف ، رجاء أن يستجيبوا لدعوته أو يؤووه وينصروه على قومه ، لم ير من يؤوي ولم ير ناصراً ، وآذوه مع ذلك أشد الأذى ، ونالوا منه ما لم ينله قومه .

وكما اشتدت وطأة أهل مكة على النبي صلى الله عليه وسلم ، اشتدت على أصحابه ، حتى التجأ رفيقه أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى الهجرة عن مكة ، فخرج حتى بلغ برك الغماد ، يريد الحبشة ، فأرجعه ابن الدغنة في جواره .

قال ابن إسحاق : لما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تطمع به في حياة أبي طالب ، حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش ، فنثر على رأسه تراباً ، ودخل بيته ، والتراب على رأسه ، فقامت إليه إحدى بناته ، فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها : لا تبكي يا بنية ، فإن الله مانع أباك ) قال : ويقول بين ذلك 🙁 ما نالت مني قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب ) .

من الذي سمى هذا العام بعام الحزن :

ولأجل توالي مثل هذه الآلام في هذا العام سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحزن وبهذا اللقب صار معروفاً في التاريخ .

الزواج بأول أمهات المؤمنين بعد خديجة ” سودة بنت زمعة رضي الله عنها ” :

وفي شهر شوال من هذه السنة سنة 10 من النبوة – تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة ، كانت ممن أسلم قديماً ، وهاجرت الهجرة الثانية إلى الحبشة ، وكان زوجها السكران بن عمرو ، وكان قد أسلم وهاجر معها ، فمات بأرض الحبشة ، أو بعد الرجوع إلى مكة ، فلما حلت خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها ، وكانت أول امرأة تزوجها بعد وفاة خديجة وبعد عدة أعوام وهبت نوبتها لعائشة .

–        انتهى –

                                   فاللهم صل وسلم على نبينا وحبيبنا محمد ” عليه الصلاة والسلام “

المراجع :

–  من كتاب تحفة الذاكرين للمؤلف الإمام محمد الشوكاني رحمه الله –  فصل :  أذكار الصباح والمساء ( ص 92 ) طبعة دار الكتاب العربي .

–        من كتاب الرحيق المختوم للمؤلف الشيخ / صفي الدين المباركفوري رحمه الله – فصل : عام الحزن ( ص 110 – 112 ) طبعة : دار ابن حزم .

–        من كتاب محمد صلى الله عليه وسلم للمؤلف الأستاذ / محمد رضا رحمه الله – فصل : وفاة أبي طالب سنة 620 م : ( ص 106 ) طبعة : دار الكتاب العربي  .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *