قول علماء الدين في كاتب الوحي للصادق الأمين ( معاوية )

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

قول علماء الدين في كاتب الوحي للصادق الأمين  

( معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه )

هجوم مريب!!

اتخذ الطاعنون في دين الله تعالى الخلاف الذي دار بين علي ومعاوية رضي الله عنهما متكئا لضرب الدين والتشكيك في نوايا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلبوا الأمور . . وضلت أفهام . . وزلت أقدام وساعدهم على ذلك المرويات الباطلة الدسوسة على التاريخ لتزوير المفاهيم وإظهارا للحق نوضح رأي علماء الإسلام .

فماذا قال علماء المسلمين وفقهاء الملة عن هذا الخلاف ؟

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :

(( … ثم ما كان بينه أي معاوية وبين علي بعد مقتل عثمان على سبيل الاجتهاد والرأي فجرى بينهما قتال عظيم … وكان الحق والصواب مع علي ومعاوية معذور عند جمهور العلماء سلفا وخلفا وقد شهدت الأحاديث الصحيحة بالإسلام للفريقين كما ثبت في الحديث الصحيح : (( تمرق مارقة على خير فرقة المسلمين فيقتلها أدنى الطائفتين إلى الحق )) فكانت المارقة الخوارج وقتلهم علي وأصحابه ثم قُتل علي فاستقل معاوية بالأمر سنة إحدى وأربعين وكان يغزو الروم في كل سنة مرتين مرة في الصيف ومرة في الشتاء ويأمر رجلا من قومه فيحج بالناس وحج هو سنة خمسين وحج ابنه يزيد سنة إحدى وخمسين . وفيها أو في التي بعدها أغزاه بلاد الروم … فسار معه خلق كثير من كبراء الصحابة حتى حاصر القسطنطينية وقد ثبت في الصحيح : (( أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور لهم )) .

وقال الحافظ الذهبي رحمه الله :

(( ومعاوية من خيار الملوك الذين غلب عدلهم على ظلمهم وما هو ببرئ من الهنات والله يعفو عنه )) .

فانظر أخي القارئ إلى أدب الذهبي رحمه الله . . وإنصافه .

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية : عمن يلعن معاوية فماذا يجب عليه؟

فأجاب :

(( الحمد لله ، من لعن أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كمعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ونحوهما . . . فإنه مستحق للعقوبة البليغة باتفاق أئمة الدين وتنازع العلماء : هل يعاقب بالقتل؟ أو ما دون القتل؟ . . . . )) .

وقال الميموني : قال لي أحمد بن حنبل : يا أبا الحسن إذا رأيت رجلا يذكر أحدا من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام .

وقال الفضل بن زياد :

سمعت أبا عبد الله أي أحمد بن حنبل يُسئل عن رجل تنقص معاوية وعمرو بن العاص أيقال له رافضي؟.

فقال : إنه لم يجترئ عليهما إلا وله خبيئة سوء ما انتقص أحد أحدا من الصحابة إلا وله داخلة سوء .

أما بعد : فهذا رأي علماء الأمة في سلفها الأبرار فماذا يقول المتطاولون في عصرنا ؟! ولحساب مَنْ هذا الهجوم المريب على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واتهامهم

يقول الداعية الكبير : الشيخ محمد الغزالي رحمه الله :

(( الواقع أن الحزن خامرني وأنا أرى التافهين يخاطبون السابقين الأولين بهذا الأسلوب الفاجر وإذا كان القادة الفاتحون يعاملون بهذا التهجم والاستهانة فهل يبقى للأمم تاريخ؟ .

إن نبينا صلوات الله وسلامه عليه استبعد من جماعة المسلمين من فقد الأدب الواجب مع الكبار وتعمد خدش أقدارهم فقال : (( ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه )).

إنني أقول ذلك لأني لاحظت نابتة من الغوغاء تتبع الأعلام من رجالنا بدءا من العصر الأول إلى هذا العصر فلا ترى سنى إلا ردمته ولا غلطة إلا كبرتها ألف مرة!

لمصلحة من يتم هذا الجَور؟

لحساب من تبدو أمتنا هزيلة في عالم يحاول فيه النحاف أن يسمنوا ؟ )) .

 

 

 

فضلا قل ( اللهم أرزقنا حسن الختام ) .

 

 

المرجع : من كتاب رجال ونساء حول الرسول

صلى الله عليه وسلم

 

للمؤلف : سعد يوسف أبو عزيز  


هل حصلت على جائزة نوبل ؟

جائزة نوبل هي أرفع جائزة علمية أسسها ألفريد نوبل ( 1844 – 1896 م ) فعندما اخترع نوبل الديناميت عام 1866 م حزن فيما بعد على الدمار والقتل الذي سببه سوء اختراعه . فأوصى ببعض ثروته لتأسيس جائزة نوبل والتي تزيد على المليون دولار بقليل والتي تمنح سنويا في تاريخ العاشر من ديسمبر لأنه يوم وفاة ألفريد نوبل للفائزين في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب والآداب والسلام توزع الجوائز جميعها في السويد ويشرف على توزيعها لأصحابها ملك السويد بنفسه عدا جائزة السلام فيتم تسليمها في قاعة مجلس مدينة أوسلو بالنرويج وفقا لبنود الوصية .

احتفال جائزة نوبل هو المناسبة الوحيدة فقط التي يقف فيها ملك السويد والملكة للناس وذلك حين استقبال الفائزين . انتهى .

المرجع :

كيف أصبحوا عظماء ؟ ، د / سعد الكريباني حفظه الله ، ط / مؤسسة فهد المرزوق الصحفية ” 36 ” ، فصل : عاقل أهل الأندلس ، بتصرف .

حب الرسول صلى الله عليه وسلم والاحتفال بمولده

بسم الله الرحمن الرحيم

حب الرسول صلى الله عليه وسلم والاحتفال بمولده  

قبل أن نبدأ في طرح هذا الموضوع أحب أن أوضح أنني لست بصدد الحكم على هذا العمل أهو حرام أم حلال أهو هدى أم ضلالة أو بدعة لا لا ،،، فكلنا نحب النبي صلى الله عليه وسلم ولكن حبنا هذا يجب أن يقترن بالعمل وليس أي عمل بل العمل الموافق لما أمر به الله ورسوله وليس من عند أنفسنا ، فحبنا الصادق لا يكون بكلام نتمتم به بين الفينة والأخرى دون النظر في فعل قدوتنا عليه الصلاة والسلام وسلفنا الصالح وصدق القائل حين قال :

 

ألا ما أرخص الحب إذا كان كلاماً

وما أغلاه عندما يكون قدوة وذماماً

 

فإن محبة رسول الله ” صلى الله عليه وسلم ” واجبة ، فهذا ما لا يماري فيه مؤمن ، وما يغيض حبه إلا من قلب منافق جحود ، ولكن هذه العاطفة لابد أن تكون وفقا لضوابط الشرع حتى نحظى بمحبة نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم .

” @ فليفقه المسلمون سيرة رسولهم العظيم @

وهيهات أن يتم ذلك إلا بالفقه في الرسالة نفسها والإدراك الحق لحياة صاحبها والالتزام الدقيق لما جاء به .

 أخي القارئ الكريم مرجعنا في جميع الأمور قول حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم :

( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )

وقد انقسم المسلمون في أعمالهم يوم المولد النبوي إلى عدة أقسام وهي :

القسم الأول :

فهؤلاء لا يفعلون إلا ما أمرهم به نبيهم وحبيبهم محمد صلى الله عليه وسلم من أداء الصلاة مع الجماعة والطاعات المشروعة والتي تتكرر كل يوم وليلة ولا جديد في الموضوع وانصراف كل إلى حال سبيله فلم يخصصوا لذلك اليوم عبادة جديدة من ذكر أو صوم أو صلاة أو …

القسم الثاني  :

أما هؤلاء فيجتمعون في مكان معين ويحتفلون بالمولد النبوي وذلك  بالرقص والغناء واصطحاب الموسيقى واختلاط النساء بالرجال سويا وغير ذلك ويتخذون ذلك قربة يتقربون بها .

القسم الثالث  :

أما هؤلاء فيجتمعون في مكان معين ويذكرون سيرته العطرة عليه الصلاة والسلام إما بإلقاء أشعار المديح والمبالغة فيه لدرجة إنشاد بعض الأبيات المتضمنة الشرك الصريح أو الحداءات وما أشبه ذلك ، وفي نهاية الحفل المزعوم يطفئون السراج ( المصباح ) ويقفون للسلام على روح النبي ويقولون حضرت ويلتزمون الصمت .

أما هؤلاء فلا يختلفون عن القسم الثالث في شيء ولكن الفرق أنهم يجعلونه يوم في كل شهر من السنة  مثلا يوم 10 من كل شهر مولد أم المؤمنين خديجة ويوم 19 مولد فاطمة الزهراء وهكذا .

القسم الأخير  :

فشأنهم عجيب وأمرهم غريب فهم لا ينتمون إلى أي قسم مما سبق  فهؤلاء لا يعرفون حقيقة حب النبي صلى الله عليه وسلم ولا يهمهم سوى شيء واحد ! أتعرف ما هو ومن هم ؟

هم الذين يأتون لتناول طعام العشاء فلا حول ولا قوة إلا بالله .

طرفة تخص القسم الأخير  :

        وكما قيل إن أردت أن تقنع غيرك بخطأك قدم له طعاما أولا أو بشكل أوضح كما قيل : ” أطعم الفم تخجل العين ” .

        وقد نصح أحد الصالحين رجلا ممن يبحثون عن طعام العشاء في مثل هذه المناسبات بأن لا يذهب للاحتفال فكان رده :

إذا وفرت لي مثل طعام العشاء الذي يوفره أصحاب الحفل فلن أذهب !!!

واترك التعليق لك أيها القارئ الكريم

وللعلم بأن هذا اليوم الذي ولد فيه نبينا الكريم هو نفس اليوم الذي توفي فيه فلماذا لا يتخذ ذلك اليوم مأتما وحزنا وصياحا وعويلا كما تفعل الشيعة في يوم عاشوراء حزنا بزعمهم على مقتل الحسين …. ( سبحانك هذا بهتان عظيم ) 

فيا صاحب المولد لو تأملت قليلا لوجدت أنك بين أمرين لا ثالث لهما :

 

الأول : كما تعلم أن هذا العمل لم يفعله المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم  فهل كان بأبي هو وأمي لا يعلم فضله ؟ ! فعندما تتقرب إلى الله بعمل لم يتقرب به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فأنت تزعم وإن كنت لا تقصد بأنك أعلم منه صلى الله عليه وسلم .

 

الثاني : فإن لم يكن قصدك ما ذكرته في الأمر الأول وهذا الظن بك  فأنت تزعم وإن كنت لا تقصد بأن نبيك محمد صلى الله عليه وسلم لم يبلغ الرسالة كاملة لأن هذا باب خير لم يدل الأمة عليه وحاشاه صلى الله عليه وسلم بل ترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزغ عنها إلا هالك .

 

 

فضلاً وليس أمراً قل ( اللهم عاملنا بما أنت أهله ولا تعاملنا بما نحن أهله )  

 

إن كنت فقد كان

يقول العالم الفذ أبو الحسن الندوي رحمه الله أنه ما من حالة أو مرحلة يكون فيها إنسان إلا مر بها … ؟ فيا ترى من يكون ؟

إن كنت غنياً : فقد جاءته الدنيا صاغرة وكانت الغنائم تأتيه ملء الوديان.

إن كنت فقيراً : فقد ألمه الفقر حتى ربط الحجر على بطنه .

إن كنت تاجراً : فقد اشتغل بالتجارة.

إن كنت رب أسرة : فقد كان رباً لأسر.

إن كنت مدرساً أو حاكماً أو مفتياً أو مسؤولاً أو أو أو  فقد كان.

أتعرف من هو ؟ إنه نبينا وحبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، انتهى.

المرجع :

افعل شيئا مختلفاً ، أ / عبد الله علي عبد الغني حفظه الله ، ط / شركة الإبداع الفكري ” 78 ” ، المبدأ السادس ” قدوة للجميع ” ، بتصرف.

ما أعطي محمد صلى الله عليه وسلم وما أعطي صالح عليه السلام

قبل أن نبدأ اسمحوا لي أن نستعرض قطوف من سيرة نبي الله صالح عليه السلام

قبيلته عليه السلام :

وهم قبيلة مشهورة ، يقال لهم : ثمود باسم جدهم ثمود أخي جديس ، وهما ابنا عاثر بن إرم بن سام بن نوح

وكانوا عرباً من العاربة يسكنون الحجر الذي بين الحجاز وتبوك ، وقد مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى تبوك بمن معه من المسلمين  وكانوا بعد قوم عاد وكانوا يعبدون الأصنام كأولئك .

وكثيراً ما يقرن الله في كتابه بين ذكر عاد وثمود ، كما في سورة براءة وإبراهيم والفرقان وسورة ص وسورة ق والنجم والفجر .

قصته عليه السلام مع قومه :

وقد ذكر المفسرون أن ثمود اجتمعوا يوماً في ناديهم ، فجاءهم رسول الله صالح فدعاهم إلى الله ، وذكرهم وحذرهم ووعظهم وأمرهم ، فقالوا له : إن إنت أخرجت لنا من هذه الصخرة – وأشاروا إلى صخرة هناك – ناقة ، من صفتها كيت وكيت ، وذكروا أوصافاً سموها  ونعتوها وتعنتوا فيها ، وأن تكون عشراء ، طويلة ، من صفتها كذا وكذا ، فقال لهم النبي صالح عليه السلام : أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم ، على الوجه الذي طلبيتم ، أتؤمنون بما جئتكم به وتصدقوني فيما أرسلت به ؟ قالوا : نعم ، فأخذ عهودهم ومواثيقهم على ذلك .

       ثم قام إلى مصلاه فصلى لله عز وجل ما قدر له ، ثم دعا ربه عز وجل أن يجيبهم إلى ما طلبوا ، فأمر الله عز وجل تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة عشراء ، على الوجه المطلوب الذي طلبوا ، أو على الصفة التي نعتوا .

       فلما عاينوها كذلك ، رأوا أمراً عظيماً ، ومنظرا هائلاً ، وقدرة باهرة ، ودليلاً قاطعاً ، وبرهاناً ساطعاً ، فآمن كثير منهم ، واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم ، ولهذا قال ( فظلموا بها ) أي : جحدوا بها ، ولم يتبعوا الحق بسببها ، أي : أكثرهم ، وكان رئيس الذين امنوا : جندع بن عمروا بن محلاة بن لبيد بن جواس ، وكان من رؤسائهم ، وهم بقية الأشراف بالإسلام ، فصدهم ذؤاب بن عمرو بن لبيد ، والحباب ، صاحب أوثانهم ، ورياب بن صعر بن جلمس ، ودعا جندع ابن عمه شهاب بن خليفة ، وكان من أشرافهم ، فهم بالإسلام فنهاه أولئك ، فمال إليهم ، فقال في ذلك رجل من المسلمين يقال له : مهرش بن غنمة بن الذمبل رحمه الله

ولهذا قال لهم صالح عليه السلام ( هذه ناقة الله ) أضافها لله سبحانه وتعالى إضافة تشريف وتعظيم ، كقوله ، بيت الله وعبد الله ( لكم آية ) أي : دليلاً على صدق ما جئتكم به ( فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب )

       فاتفق الحال على أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم ، ترعى حيث شاءت من أرضهم ، وترد الماء يوماً بعد يوم ، وكانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يوما ذلك ، فكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم ، ويقال : أنهم كانوا يشربون من لبنها كفايتهم ، ولهذا قال ( لها شرب ولكم شرب يوم معلوم )

            ولهذا قال تعالى ( إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم ) أي : اختباراً لهم أيؤمنون بها أم يكفرون ؟ والله أعلم بما يفعلون  ( فأرتقبهم ) أي : انتظر ما يكون من أمرهم  ( واصطبر ) على آذاهم فسيأتيك الخبر على جلية ( ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر ) .

       فلما طال عليهم هذا الحال اجتمع أمرهم واتفق رأيهم على أن يعقروا هذه الناقة ، ليستريحوا منها ويتوفر عليهم ماؤهم ، وزين لهم الشيطان أعمالهم ، قال الله تعالى ( فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالو يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين ) .

       وكان الذين تولى قتلها منهم رئيسهم : قدار بن سالف بن جندع ، وكان أحمر أزرق أصهب وكان يقال : إنه ولد زانية ، ولد على فراش سالف ، وهو ابن رجل يقال له : صيبان

وكان فعله ذلك باتفاق جميعهم ، فلهذا نسب الفعل إلى جميعهم كلهم .

 

       الإغراءات التي وضعت مقابل قتل الناقة :

وذكر ابن جرير وغيره من علماء المفسرين : أن امرأتين من ثمود اسم إحداهما صدوفة ابنة المحيا بن زهير بن المختار ، وكانت ذات حسب ومال ، وكانت تحت رجل من أسلم ففارقته فدعت ابن عم لها يقال له مصرع بن مهرج بن المحيا ، وعرضت عليه نفسها إن هو عقر الناقة
واسم الأخرى عنيزة بنت غنيم بن مجلز ، وتكنى أم عثمان ، وكانت عجوزاً كافرة ، لها بنات من زوجها ؤاب بن عمرو أحد الرؤساء ، فعرضت بناتها الأربع على قدار بن سالف ، إن هو عقر الناقة فله أي بناتها شاء ، فانتدب هذان الشابان لعقرها وسعوا في قومهم بذلك ، فاستجاب لهم سبعة آخرون فصاروا تسعة ، وهم المذكورون في قوله تعالى ( وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون ) ، وسعوا في بقية القبيلة وحسنوا لهم عقرها ، فأجابوهم إلى ذلك وطاوعوهم في ذلك ، فانطلقوا يرصدون الناقة ، فلما صدرت من وردها كمن لها مصرع فرماها بسهم فانتظم عظم ساقها ، وجاء النساء يذمرن القبيلة في قتلها ، وحسرن عن وجوههن ترغيباً لهم في ذلك ، فابتدرهم قدار بن سالف ، فشد عليها بالسيف فكشف عن عرقوبها فخرت ساقطة إلى الأرض ، ورغت رغاة واحدة عظيمة – فصعد جبلاً منيعاً ورغا ثلاثا .

       وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عمن  سمع الحسن أنه قال : يا رب أين أمي ، ثم دخل في صخرة فغاب فيها ، ويقال : بل اتبعوه فعقروه أيضاً .

       قال الإمام أحمد : حدثنا عبدالله بن نمير، حدثنا هشام –  أبو عروة – عن أبيه عن عبد الله بن زمعة قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الناقة وذكر الذي عقرها فقال ( إذ انبعث أشقاها ) : انبعث لها رجل عارم عزيز منيع في رهطه مثل أبي زمعة .

أخرجاه من حديث هشام به . عارم : أي : شهم . عزيز ، أي : رئيس ، منيع ، أي : مطاع في قومه .

وذكروا أنهم لما عقروا الناقة كان أول من سطا عليها قدار بن سالف ، لعنه الله ، فعرقبها فسقطت إلى الأرض  ثم ابتدروها بأسيافهم يقطعونها ، فلما عاين ذلك سقبها ، وهو ولدها – شرد عنهم فعلا أعلى الجبل هناك ، و رغا ثلاث مرات .

 

وذلك أن الله تعالى أرسل على أولئك النفر الذين قصدوا قتل صالح حجارة رضختهم فأهلكهم سلفاً وتعجيلاً قبل قومهم ، وأصبحت ثمود يوم الخميس ، وهو اليوم الأول من أيام النظرة ، و وجوهم مصفرة كما أنذرهم صالح عليه السلام، فلما  أمسوا نادوا بأجمعهم : ألا قد مضى يوم من الأجل ، ثم أصبحوا في اليوم الثاني من أيام التأجيل -وهو يوم الجمعة – و وجوهم محمرة ، فلما أمسوا نادوا : ألا قد مضى يومان من الأجل ، ثم أصبحوا في اليوم الثالث من أيام المتاع -وهو يوم السبت – و وجوهم مسودة ، فلما أمسوا نادوا : ألا قد مضى الأجل .

       وقوع العذاب بهم عياذا بالله :

فلما كان صبيحة يوم الأحد تحنطوا وتأهبوا وقعدوا ينتظرون ماذا يحل بهم من العذاب والنكال والنقمة لا يدرون كيف يفعل بهم ؟ ولا من أي جهة يأتيهم العذاب .

       فلما أشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء من فوقهم ، ورجفة من أسفل منهم ، ففاضت الأرواح وزهقت النفوس ، وسكنت الحركات ، وخشعت الأصوات ، وحقت الحقائق ، فأصبحوا في دارهم جاثمين ، جثثاً لا أرواح فيها، ولا حراك بها ، قالوا : ولم يبق منهم أحد إلا جارية كانت مقعدة واسمها كلبة بنت السلق ، ويقال لها : الذريعة – وكانت شديدة الكفر والعداوة لصالح عليه السلام ، فلما رأت العذاب أطلقت رجلاها ، فقامت تسعى كأسرع شيء ، فأتت حياً من العرب فأخبرتهم بما رأت وما حل بقومها واستسقتهم ماء ، فما شرب ماتت .

       قال تعالى : ( كأن لم يغنوا فيها ) أي : لم يقيموا فيها سعة ورزق وغناء ، ( ألا إن ثمودا كفروا ربهم ألا بعدا لثمود ) أي : نادى عليهم لسان القدر .

وقوله تعالى ( فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين ) ، إخبار عن صالح عليه السلام ، أنه خاطب قومه ، بعد هلاكهم ، وقد أخد في الذهاب عن محلتهم إلى غيرها قائلاً لهم ( يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ) أي : جهدت في هدايتكم بكل ما أمكنني وحرصت على ذلك بقولي وفعلي ونيتي .

       ( ولكن لا تحبون الناصحين ) أي : لم تكن سجاياكم تقبل الحق ولا تريده ، فلهذا صرتم إلى ما أنتم فيه من العذاب الأليم ، المستمر بكم المتصل إلى الأبد ، وليس لي فيكم حيلة ، ولا لي بالدفع عنكم يدان ، والذي وجب علي من أداء الرسالة والنصح لكم قد فعلت ، وبذلته لكم ، ولكن الله يفعل ما يريد .

وهكذا خاطب الني صلى الله عليه وسلم أهل قليب بدر بعد ثلاث ليال ، وقف عليهم وقد ركب راحلته ، وأمر بالرحيل من آخر الليل فقال : ( يا أهل القليب ) هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً ؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا ) وقال لهم فيما قال : ( بئس عشيرة النبي التي كنتم لنبيكم)  كذبتموني وصدقني الناس ، وأخرجتموني وآواني الناس ، وقاتلتموني ونصرني الناس، فبئس عشيرة الني كنتم لنبيكم ) فقال له عمر :  يا رسول الله تخاطب أقواما قد جيفوا ؟  فقال :
 والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ،  ولكنهم لا يجيبون .

ذكر مرور النبي صلى الله عليه وسلم بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك :

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا صخر بن جويرية عن نافع عن أبي عمر قال : لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس على تبوك ، نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها  ثمود ، فعجنوا منها ونصبوا القدور ، فأمرهم رسول الله فأهراقوا القدور ، وعلفوا العجين الابل ، ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة ، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا فقال : إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم ) .

وقال أحمد أيضا : حدثنا عفان ، حدثنا عبدالعزيز بن مسلم ، حدثنا عبدالله بن دينار ، عن عبدالله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحجر : (  لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم ، أن يصيبكم مثل ما أصابهم) .

الشاهد :

القول فيما أوتي صالح عليه السلام :

قال أبو نعيم فإن قيل : فقد أخرج الله لصالح ناقة من الصخرة جعلها الله له آية وحجة على قومه وجعل لها شرب يوم ، ولهم شرب يوم معلوم ، قلنا : وقد أعطى الله محمد صلى الله عليه وسلم مثل ذلك بل أبلغ لأن ناقة صالح لم تكلمه ولم تشهد له بالنبوة والرسالة ، ومحمد صلى الله عليه وسلم شهد له البعير بالرسالة ، وشكا إليه ما يلقى من أهله ، من أنه يجيعونه ويريدون ذبحه ، ثم ساق الحديث بذلك كما قدمنا في دلائل النبوة بطرقه وألفاظه وغرره بما أغنى عن إعادته هاهنا ، وهو في ( الصحاح ) و ( الحسان ) و ( المسانيد ) ، وقد ذكرنا مع ذلك حديث الغزالة ، وحديث الضب وشهادتهما له صلى الله عليه وسلم بالرسالة ، كما تقدم التـنبيه على ذلك والكلام فيه ، وثبت الحديث  في ( الصحيح ) بتسليم الحجر عليه قبل أن يُبعث ، وكذلك سلام الأشجار والأحجار والمدر عليه قبل أن يبعث صلى الله عليه وسلم .

لطفاً قل ( اللهم صلي وسلم على نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم )

 

المراجع

المؤلف

قصص الأنبياء

ابن كثير الدمشقي رحمه الله

البداية والنهاية

ابن كثير الدمشقي رحمه الله