موت العابد أهون من موت العالم بالنسبة له ؟

قال المزني : رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال إن الشياطين قالوا لإبليس يا سيدنا ما لنا نراك تفرح بموت العالم ما لا نفرح بموت العابد ، والعالم لا نُصيب منه والعابد نُصيب منه ؟

قال : انطلقوا فانطلقوا إلى عابد وأتوه في عبادته .

فقالوا :  إنا نريد أن نسألك !

فقال : سل .

فقال : إبليس هل يقدر ربك أن يجعل الدنيا في جوف بيضة ؟

قال : لا أدري !

قال : أترونه كفر في ساعة ؟

ثم جاؤوا إلى عالم في حلقته يُضاحك أصحابه ويحدثهم فقالوا : إنا نريد أن نسألك !

فقال : سل .

فقال : هل يقدر ربك أن يجعل الدنيا في جوف بيضة ؟

قال : نعم .

قال : كيف ؟

قال : يقول كن فيكون .

فقال إبليس : أترون ذلك لا يعدو نفسه ، وهذا يفسد عليّ عالما كثيرا .

انتهى .

المرجع :

مفتاح دار السعادة .

الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله .

ط / دار طيبة الخضراء ، دار ابن حزم .

” ص 99 ” .

الأصل الأول في العلم وفضله وشرفه .

بتصرف .

دين أهل السماوات واحد وأديان أهل الأرض ستة

فالإسلام دين أهل السماوات ، ودين أهل التوحيد من أهل الأرض ، لا يقبل الله من أحد ينا سواه .

فأديان أهل الأرض ستة :

واحد للرحمن ، وخمسة للشيطان . فدين الرحمن هو الإسلام .،

والتي للشيطان : اليهودية ، والنصرانية ، والمجوسية ، والصابئة ، ودين المشركين .

المرجع :

من كتاب مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين .

للمؤلف :

الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله .

الجزء الرابع .

فصل : التوحيد هو الغاية المطلوبة من جميع المقامات .

أخر أيام منى

الثلاثاء 13/12/1435هـ هو أخر أيام منى وبه ينتهي الحج فتأمل كيف انقضت أيام الحج كأنها أيام سفر ، فإن الدنيا كلها أيام سفر كأيام الحج ، وهو زمان إحرام المؤمن عما حرم الله عليه من الشهوات ، فمن صبر في مدة سفره على إحرامه وكف عن الهوى ، فإذا انتهى سفر عمره ووصل إلى منى المنُى فقد قضى تفثه ووفى نذره فصارت أيامه كلها منى أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل وصار في ضيافة الله عز وجل وفي جواره أبد الآبدين ، ولهذا يقال لأهل الجنة : ( كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية ) وقوله : ( كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون ) . وقد قيل : إنها نزلت في الصوّام  في الدنيا .

شعر :

وقد صمت عن لذات دهري كلها ،، ويوم لقاكم ذاك فطر صيامي .

اللهم وفقنا للعمل الصالح الذي ترضاه عنّا

المرجع :

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من وظائف .

الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله .

ط / دار الحديث ” ص 392 ” .

وظائف شهر ذى الحجة .

مبحث : علة النهي عن صيام أيام التشريق .

بتصرف .

الجمرات بين النسك والمدلول

جمع جمرة وهي الحصاة الصغيرة ، وجمرات المناسك الثلاث بمنى هي : الجمرة الصغرى والوسطى والعقبة . ومن مناسك الحج رمي الجمار ، وفيه امتثال لأمر الله واقتداء بأبينا إبراهيم عليه السلام . قال الله تعالى : { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ … } (4) سورة الممتحنة ، واقتداءاً بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم القائل : ” خذوا عني مناسككم ” . كما أن في ذلك إظهار لعداوة الشيطان ، وقال تعالى : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا } (6) سورة فاطر ، فعندما يقوم الحاج برمي الجمرات يكون في ذلك إغاظة للشيطان وإذلال وتحقير له .

ففي رواية ابن عباس رضي الله عنهما أن إبراهيم عليه وسلم لما أمر بالمناسك ذهب به جبريل عليه السلام إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ، ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات . ” قال الهيثمي : رجاله ثقات ، مجمع الزوائد ( 3/259 ) ” .

وقد رمى النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله . انتهى .

واستكمالا لبقية العنوان الجمرات بين النسك والمدلول فلا يخفى على كل ذي لب أن عداوة الشيطان للإنسان منذ أن خلق الله الخلق إلى قيام الساعة . وقد قال عز وجل : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } (168) سورة البقرة ، وعلى الحاج أن يسأل نفسه إذا كان قد رمى الجمرات في هذه الأيام والتي هي رمز للمكان الذي ظهر فيه الشيطان اقتداءاً بالسنة كما ذكرنا سابقاً ، فكيف تطيعه فيما بعد بما يوسوس لك من معاصي وذنوب ، كيف ترميه بالأمس وتطيعه اليوم ! كيف تطيعه بالنظر إلى الحرام مثلاً أو باستماع للحرام أو بأكل الحرام “عياذاً بالله ” وقس على ذلك أمور كثيرة . فالحرب باقية مع الشيطان في كل وقت وحين فلذلك يجب على كل مسلم أدى الحج وغيره أن يحقق مدلول رمي الجمرات في حياته اليومية بالاستعاذة من الشيطان وشركه . انتهى .

المرجع :

تاريخ مكة المكرمة قديماً وحديثاً ، د / محمد إلياس عبد الغني حفظه الله ، ط / مكتبة فهرسة الملك فهد الوطنية ” 109 ، 110 ” ، فصل : المشاعر ، مبحث : مشعر منى ، بتصرف.

أيام الأكل والشرب والذكر

عباد الله بالأمس كان يوم عرفة ، خير يوم طلعت عليه الشمس يوم تجلى فيه ذكر الله بأعظم ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو والنبيون من قبله ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) ” رواه الترمذي وصححه الألباني ” ، والأيام الثلاثة القادمة بعد يوم الوقوف ( يوم التاسع من ذي الحجة ) هي أيام التشريق التي قال فيها رب العباد في محكم آياته ( واذكروا الله في أيام معدودات … ) ” سورة البقرة 203 ” وبعد انقضاء هذه اليوم ” يوم عرفة ” يلزم على كل حاج ومسلم الامتثال بقول الله تعالى { فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا …ٍ} ” سورة البقرة 200 ” .

      وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه : ( أيام منى أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل ) ” رواه مسلم ” فهذه الأيام ” اقصد أيام التشريق ” ليست أيام أكل وشرب فقط .. ولكنها أيام ذكر لله تعالى أيضا ، وربما كان الاهتمام الأكبر لأغلبنا ما ورد في بداية الحديث وهو المأكل والمشرب ولا حرج في ذلك ، ولكن قلما تجد -إلا من رحم الله – من يهتم بما ورد في آخر الحديث وهو ذكر الله عز وجل . فالمتأمل في الآية والحديث النبوي سيجد أن القاسم المشترك ورأس الأمر وسنامه هو ذكر الله تعالى لأنه بالذكر يشعر قلب كل مسلم بالطمأنينة والسعادة .. قال رب العباد في محكم آياته الله ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) ” سورة الرعد 28 ” .

كما أنه من فوائد الذكر :

  ما قاله ابن عباس رضي الله عنهما : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا سها وغفل وسوس فإذا ذكر الله تعالى خنس .

وقال أيضا ً : ” لم يفرض الله تعالى على عباده فريضة إلا جعل لها حدا معلوما ثم عذر أهلها في حال العذر. غير الذكر فإنه لم يجعل له حدا ينتهي إليه ولم يعذر في تركه إلا مغلوبا على عقله وأمرهم بذكره في الأحوال كلها “

وقال أبو الدرداء رضي الله عنه : ” لكل  شيء جلاء وإن جلاء القلوب ذكر الله تعالى ” .

  وذكر ابن القيم رحمه الله عن فوائد الذكر : ” أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره ، أنه يرضي الرحمن عز وجل ، أنه يزيل الهم والغم عن القلب ، أنه يقوي القلب والبدن ، أنه ينور الوجه والقلب ، أنه يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة .

وأخيراً : قال أحد السلف إذا انكشف الغطاء يوم القيامة عن ثواب أعمالهم لم يروا ثوابا أفضل من ذكر الله تعالى ، فيتحسر عند ذلك أقوام فيقولون ما كان شيء أيسر علينا من الذكر .

فالحذر الحذر من تضييع الوقت فيما لا ينفع .

تقبل الله منا ومنكم صالح القول العمل . انتهى .

المراجع :

  • من كتاب الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب .

الفصول :

فصل في فضل الذكر ، فصل في فوائد الذكر .

للمؤلف الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله .

  • من كتاب الأذكار .

فصل أذكار الحج .

مبحث : الأذكار المستحبة بمنى أيام التشريق .

للمؤلف : الإمام النووي رحمه الله .

  • من كتاب سلاح اليقظان لطرد الشيطان .

فصل في الذكر .

للمؤلف : الشيخ عبد العزيز بن محمد السلمان رحمه الله . ” بتصرف “