صاحب الماشية واللبنّ

يُحكى أن بعض أصحاب الماشية كان يشوبُ اللبنَ ويبيعهُ على أنّه خالصٌ ، فأرسل اللهُ عليه سيلاً فذهب بالغنم ، فجعل يعجبُ ، فأُتيَ في منامه فقيل له : أتعجبُ من أخذ السّيلِ غنمك ؟ ! إنما هي تلك القطرات التي كُنتَ تُشيبُ بها اللبن ، اجتمعت وصارت سيلاً.

فقِسْ على هذه الحكاية ما تراهُ في نفسك وفي غيرك ، تعلم حينئذٍ أنّ الله تعالى قائمٌ بالقسط ، وأنّه قائمٌ على كلّ نفس بما كسبت ، وأنّهُ لا يظلمُ مِثقال ذرّةٍ ، انتهى.

الشاهد :

قال الله تعالى : { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} (30) سورة الشورى.

المرجع :

مفتاح دار السعادة  ، الإمام ابن قيمّ الجوزية رحمه الله ، ط / دار طيبة الخضراء ، دار ابن حزم ” 353 ” ، فصل : في التأمل في خلق السمك والجراد ، بتصرف.

انستقرام : dramy2010

صورة رقم : 437

الرِزق ، والوعد ، والسِرّ

أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح ، أبو جعفر الكاتب وليَ ديوان الرسائل للمأمون ، ترجمه ابن عساكر وأورد من شعره قوله في الرزق :

قد يُرزق المرءُ من غيرِ حيلةٍ صدرت * ويُصرف الرزقَ عن ذي الحيلةِ الداهي
ما مسني من غِنى يوماً ولا عدمٍ * إلا وقولي عليهِ الحمدُ للهِ

في الوعد :

إذا قلتَ في شيءٍ ” نعم ” فأتمه * فإنّ ” نعم ” دَينٌ على الحُرّ واجبُ
وإلا فقل ” لا ” تستريحُ بها * لئلا يقولَ الناسُ إنكَ كاذبُ

في السِر :

إذا المرءُ أفشى سِرّهُ بلسانِهِ * فلامَ عليهِ غيرَهُ فهوَ أحمقُ
إذا ضاقَ صدرُ المرءِ عن سِرّ نفسه * فصدرُ الذي يُستودعُ السرَ أضيقُ

الشاهد :

لا تقلق من الرَزق ، وأنجز الوعد ، ولا تُفشِ السِرّ.

المرجع :

البداية والنهاية ، الإمام ابن كثير الدمشقي رحمه الله ، ط / دار الأخيار ” 10 / 508 ” ، فصل أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح ، بتصرف.

انستقرام : dramy2010

صورة رقم : 435

    رُبَ كلمة أودت بصاحبها  

في سنة 601هـ اجتمع ببغداد رجلان أعميان على رجل أعمى أيضاً ، وقتلاه بمسجدٍ طمعاً في أن يأخذا منه شيئاً ، فلم يجدا معه ما يأخذانه ، وأدركهما الصباح ، فهربا من الخوف يريدان الموصل ، ورؤي الرجل مقتولاً ، ولم يُعلم قاتله ، فاتّفق أنّ بعض أصحاب الشّحنة اجتاز من الحريم في خصومة جرت ، فرأى الرجلَين الضريرين ، فقال لمن معه : هذان اللذان قتلا الأعمى ، يقوله مزحاً ، فقال أحدهما : هذا والله الذي قتله ، فقال الآخر : بل أنت قتلته ، فأخذا إلى صاحب الباب ، فأقّرا ، فقُتل أحدهما ، وصُلب الآخر على المسجد الذي قتلا فيه الرجل ، انتهى.

يُقصد بأصحاب الشّحنة : الدوريات الأمنية التي تدور في الطُرقات في زمننا هذا.

الشاهد  :

كاد المُريب أن يقول خُذُوني !

المرجع  :

الكامل في التاريخ ، الإمام ابن الأثير رحمه الله ، ط / المكتبة العصرية ” 10 /161 ” ، فصل : سنة 601 هـ ، ذكر عدة حوادث ، بتصرف.

انستقرام : dramy2010

صورة رقم : 432

العبرةُ بالقول لا بالقائل  

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ” وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان ، فأتاني آت ، فجعل يحثو من الطعام ، فأخذته ، وقلت : والله لأرفعنّك إلى رسول الله ” قال : إني مُحتاج ، وعليّ عيال ، ولي حاجة شديدة . قال : فخليت عنه فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة “. قال : قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً فرحمته فخليت سبيله. قال : ” أما إنه قد كذبك وسيعود ” ، فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله ” إنه سيعود ” ، فرصدته ، فجاء يحثو من الطعام ، فأخذته ، فقلت : لأرفعنّك إلى رسول الله ، قال : دعني فإني مُحتاج ، وعليّ عيال لا أعود ، فرحمته ، فخليت سبيله ، فأصبحت ، فقال رسول الله : ” يا أبا هريرة ما فعل أسيرك ” قلت : يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً ، فرحمته ، فخليت سبيله قال : ” أما إنه كذبك وسيعود ” . فرصدته الثالثة ، فجاء يحثو من الطعام ، فأخذته فقلت : لأرفعنّك إلى رسول الله ، وهذا آخر ثلاث مرات تزعم لا تعود ، ثم تعود . قال : دعني أُعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت : ما هو ؟ قال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكُرسي : { اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } . حتى تختم الآية ، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ، ولا يقربك شيطان حتى تُصبح ، فخليت سبيله ، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ما فعل أسيرك البارحة ” ، قلت : يا رسول الله زعم أنه يُعلمني كلمات ينفعني الله بها ، فخليت سبيله قال : ” ما هي ” ، قلت : قال لي إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكُرسي من أولها حتى تختم { اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } ، وقال لي : لن يزال عليك من الله حافظ ، ولا يقربك شيطان حتى تُصبح – وكانوا أحرص شيء على الخير- فقال النبي : ” أما إنه صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟ “. قال لا قال : ” ذاك الشيطان ” ، انتهى.

الشاهد :

أخذنا بالقول : آية الكُرسي ، وتركنا القائل : الشيطان الرجيم.

المرجع :

أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الوكالة ، باب إذا وكل رجلاً فترك الوكيل شيئاً فأجازه الموكل فهو جائز وإن أقرضه إلى أجل مسمى جاز ” 2 / 812 ” ، حديث رقم ” 2187 ” ، بتصرف.

انستقرام : dramy2010

صورة رقم : 433

الحياءُ من الله عز وجل

الأسود بن يزيد النخعي من كِبار التابعين ، ومن أعيان أصحاب ابن مسعود ، ومن كِبار أهل الكوفة ، وقد حجّ واعتمر ثمانين مرة ، تُوُفي سنة 75 هـ  ، فلمّا احتضر بكى فقيل له : ما هذا الجزع ؟ فقال : ما لي لا أجزع ؟ ومن أحق بذلك مني ؟ والله لو أُنبئت بالمغفرة من الله لأهابنّهُ حياءً منه مما قد صنعت ، إنّ الرجل ليكون بينه وبين الرجل الذنب الصغير فيعفو فلا يزال مُستحيياً منه ، انتهى.

الشاهد :

اللهمّ ارزقنا الحياء منك ، اللهمّ آمين.

المرجع :

البداية والنهاية ، الإمام ابن كثير الدمشقي رحمه الله ، ط / دار الأخيار ” 9 / ص 11 ” ، فصل : الأسود بن يزيد ، بتصرف.

انستقرام : dramy2010

صورة رقم : 429