تشبيه العالِم بالقمر دون الشمس

في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” فضل العالِم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ” .

قيل : كيف وضع تشبيه العالِم بالقمر دون الشمس ، وهي أعظم نوراً ؟

قيل : فيه فائدتان :

  1. أن نور القمر لما كان مستفاداً من غيره كان تشبيه العالِم الذي نوره مستفاد من شمس الرسالة بالقمر أولى من تشبيهه بالشمس .
  2. أن الشمس لا يختلف حالها مع نورها ، ولا يلحقها محاق ، ولا تفاوت في الإضاءة ، وأما القمر فإنه يقل نوره ويكثر ، ويمتلئُ وينقص ، كما أن العلماء في العلم على مراتبهم من كثرته وقلته ، فيُفضل كل منهم في علمه بحسب كثرته وقلته وظهوره وخفائه ، كما يكون القمر كذلك ، فعالمٌ كالبدر ليلة تمامه ، وآخر دونه بليلة ثانية وثالثة ، وما بعدها إلى آخر مراتبه ، وهم دراجاتٌ عند الله .

المرجع :

مفتاح دار السعادة .

الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله .

ط / دار طيبة الخضراء ، دار ابن حزم .

” ص 94 ” . الأصل الأول في العلم وفضله وشرفه .

بتصرف .

وقفة مع الفصول

كما نلاحظ في هذه الأيام من تقلبات مناخية من غيوم وأمطار مما يدعونا أن نقف وقفة تأمل مع هذه الظواهر الطبيعية ، وكما هو معلوم أن السنة تتكون من أربعة فصول وهي : ” الخريف ، الشتاء ، الربيع ، الصيف ” .

ونحن اليوم نعيش في فصل الخريف حيث يعتدل فيه الزمان ويصفو الهواء ، وجعله الله برزخاً بين سموم الصيف وبرد الشتاء ، وأبراجه : الميزان ، العقرب ، القوس .

وفصل الشتاء يتميز بشدة برده وُيذكر بزمهرير جهنم عياذاً بالله ، وأبراجه :  الجدي ، الدلو ، الحوت .

أما فصل الربيع فهو أطيب فصول السنة و ُيذكر بنعيم الجنة وطيب عيشها

، وجعله الله  برزخاً بين الشتاء والصيف ، وأبراجه : الحمل ، الثور ، الجوزاء .

وبالنسبة لفصل الصيف فإنه يتميز بشدة حره وُيذكر بحر جهنم وهو من سمومها عياذاً بالله ، وأبراجه : السرطان ، الأسد ، السنبلة .

وهذه الفصول تُذكرنا بأحوال الحياة الآخرة وما فيها من نعيمٍ وعذاب .

والمُبدع جل شأنه هو من بيده القدرة على التحكم في هذه الفصول وتقلباتها دون زيادةٍ أو نقصان .

فعلى المسلم أن يُكثر من الأعمال الصالحة ليدّخرها للحياة الآخرة .

فواعجباً كيف يُعصى الإله أم كيف يجحده الجاحدُ ؟
ولله في كل تحريكةٍ وتسكينةٍ أبداً شاهدُ
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحدُ . انتهى .

المراجع :

*مفتاح دار السعادة .

الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله .

ط / دار ابن حزم ” ص 289-290 ” .

فصل : في الاستدلال بالآيات القرآنية .

*لطائف المعارف .

الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله .

ط / دار الحديث ” ص 421 ” .

فصل الربيع .

بتصرف .

لم تُغنِ عنه صناعته شيئا

أبو سعيد الطبيب ، أسلم على يد القاهر بالله ولم يسلم ولده ولا أحد من أهل بيته ، وقد كان مقدماً في الطب وعلوم أخرى كثيرة . توفي في ذي القعدة من سنة 331هـ بعلّة الذرب ولم تغن عنه صناعته شيئا ، جاءه الموت . وما أحسن ما قال بعض الشعراء في ذلك :

قل للذي صنع الدواء بكفّه * أترد مقدوراً عليك قد جرى
مات المداوي والمداوى والذي * صنع الدواءَ بكفّه ومن اشترى .
الذرب : داءٌ يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام ويفسد فيها ولا تمسكه . انتهى .
الشاهد :
إن عرض لك عارض – أجارك الله – من مرض ونحوه فلا حرج من الذهاب إلى الطبيب وتناول العلاج ولكن قبل أن تذهب استشعر معنى اسم الشافي ، فالشافي هو الله قبل كل شيء وإنما جعل الطبيب سبباً للشفاء .
المرجع :
البداية والنهاية .
ابن كثير الدمشقي رحمه الله.
ط / دار الأخيار .
ج 11 “ص 170 – 171 “.
فصل :
ثابت بن سنان بن قرة الصابي .
بتصرف .

احفظ الله يحفظك

المعنى : احفظ حدود الله وحقوقه وأوامره بالامتثال ، وعند نواهيه بالاجتناب ، وعند حدوده فلا يتجاوز ولا يتعدى ما أمر به إلى ما نهي عنه . فاعلم أن من حفظ حدود الله وراعى حقوقه حفظه الله في صحة بدنه وقوته وعقله وماله . وتأول بعضهم على ذلك قوله تعالى : ” ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ..” . ومثال ذلك أبو الطيب الطبري قد جاوز المائة سنة وهو ممتع بعقله وقوته ، فوثب يوما من سفينة كان فيها إلى الأرض وثبة شديدة ، فعوتب على ذلك ، فقال : هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر ، فحفظها الله علينا في الكبر . انتهى .

المرجع :

نور الاقتباس في مشكاة وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس .

ابن رجب الحنبلي رحمه الله .

ط / دار البشائر الإسلامية .

” ص 41 – 51 ” .

فصل : احفظ الله يحفظك .

بتصرف .

 

غَسل الكعبة المشرفة

قال الله تعالى : ” وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ” ، وقال عز وجل : ” وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ” . ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخرج في عام الفتح الأصنام من الكعبة المشرفة وطهرها من آثار المشركين وأرجاسهم وغسّل الكعبة .

وعن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال : ” أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم  بلالاً فرقي على ظهر الكعبة فأذن بالصلاة وقام المسلمون فتجرروا في الأزر وأخذوا الدلاء وارتجزوا على زمزم فغسلوا الكعبة ظاهرها وباطنها فلم يدعوا أثراً من آثار المشركين إلا محوه وغسلوه ” ، وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ” طيبوا البيت فإن ذلك من تطهيره “. وطيّب ابن الزبير جوف الكعبة كله ، وكان يجمر الكعبة كل يوم رطل من العود الذي يتطيب به ويجمرها كل جمعة برطلين . انتهى .

الشاهد :

بإذن الله تعالى تشهد مكة المكرمة مهبط الوحي ومنبع الرسالات أجواء روحانية حيث يتم غَسل الكعبة المشرفة قِبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم.

المراجع :

مصنف ابن أبي شيبة ، ط / مكتبة الرشد ” ج 7 / ص 405 ” ، رقم الحديث : 36919 .

فقه السنة ، السيد سابق رحمه الله ، ط / دار طيبة الخضراء ، ” ج 1 / ص 521 ” ، بتصرف.

انستقرام :dramy2010

صورة رقم : 162