صوم يوم عاشوراء

روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : ” حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء ، وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله ، إنه يوم تعظّمه اليهود والنصارى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” فإذا كان العام المقبل إن شاء الله ، صمنا اليوم التاسع ” ، قال : فلم يأت العام المقبل حتى توفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون : يستحب صوم التاسع والعاشر جميعاً ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر ، ونوى صيام التاسع ” ، وعلى هذا فيجوز صيام يوم عاشوراء كالأتي :

  1.  يوم قبله وبعده وهو الأكمل .
  2.  يوم التاسع والعاشر ، وعليه أكثر الأحاديث .
  3.  يوم العاشر فقط .

ومسألة كراهة إفراد يوم عاشوراء بالصوم من المسائل الخلافية بين العلماء ، وقد أفتى الشيخ ابن باز رحمه الله بكراهة إفراده . انتهى .

الشاهد :

وصيام يوم عاشوراء سنة مؤكدة يُثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها وعلى هذا لا يظن البعض أنه إن لم يصوم ذلك اليوم فإنه آثم ومذنب ، بل حرم نفسه من أجر وثواب صيام هذا اليوم .

المرجع :

المناسبات الموسمية بين الفضائل والبدع والأحكام .

د / حنان بنت علي اليماني .

ط / مكتبة الأسدي ” ص 29 – 30 ” .

فصل : استحباب صيام تاسوعاء مع عاشوراء .

بتصرف .

الحكمة من استحباب صيام تاسوعاء

قال الإمام النووي رحمه الله : ” ذكر العلماء من أصحابنا وغيرهم في حكمة استحباب صوم تاسوعاء أوجهاً :

  1.  أن المراد به مخالفة اليهود في اقتصارهم على العاشر .
  2.  أن المراد به وصل يوم عاشوراء بصوم ، كما نهى أن يُصام الجمعة وحده ، ذكرهما الخطابي وآخرون .
  3.  الاحتياط في صوم العاشر ، خشية نقص الهلال ووقع غلط ، فيكون التاسع في العدد هو العاشر في نفس الأمر .

وأقوى هذه الأوجه هو مخالفة أهل الكتاب .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” نهى صلى الله عليه وسلم عن التشبّه بأهل الكتاب في أحاديث كثيرة مثل قوله في عاشوراء : < لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع > . انتهى .

المرجع :

المناسبات الموسمية بين الفضائل والبدع والأحكام .

د / حنان بنت علي اليماني .

ط / مكتبة الأسدي ” ص 30 ” .

فصل : الحكمة من استحباب صيام تاسوعاء .

قال الله تعالى : ” فيهما فاكهة ونخل ورمان ”

الرمان : منه الحلو ومنه الحامض ، فأما الحلو فهو حار رطب ، جيد للمعدة ومقوِ لها بما فيه من قبض لطيف ، نافع للحلق والصدر والرئة ، جيد للسعال وماؤه ملين للبطن .

وأما الحامض منه بارد يابس ، قابض لطيف ، ينفع المعدة الملتهبة ويدر البول أكثر من غيره من الرمان ويسكن الصفراء ويقطع الإسهال ، ويمنع القيء ويلطف الفضول . انتهى .

خبر صحفي :

أظهرت دراسة بريطانية جديدة عدة فوائد جديدة للرمان ، حيث كشفت الدراسة عن وجود مادة تساعد على إبطاء تطور أمراض الزهايمر والشلل الرعاش المعروف باسم ” باركنسون ” ، واكتشف باحثون من جامعة هادرسفيلد وجود المادة الكيميائية “بونكالاجين” التي تساعد على منع الالتهاب الذي يدمر خلايا المخ في قشرة الرمان الخارجية ، ومن المتوقع أن تسهم في تقليل الالتهابات الناتجة عن مرض الروماتيزم وباركنسون والزهايمر.

المراجع :

صحيفة تواصل .

5 ذو القعدة 1435هـ – 31 أغسطس 2014م .

*الطب النبوي .

الإمام ابن قيم الجوزية .

ط / دار الحديث .

” ص 224 ” .

بتصرف .

 

خطبة جمعة ألقيتها عن أيام التشريق بتاريخ 1433/12/10 ، بفضل الله

 1. المقدمة :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله . أما بعد :

أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل في السر والعلن قال تعالى :

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (102) سورة آل عمران

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } (18) سورة الحشر

  1. أسلوب التشويق :

عباد الله … بالأمس كان يوم عرفة .. خير يوم طلعت عليه الشمس … يوم تجلى فيه ذكر الله بأعظم ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو والنبيون من قبله لا إله إلا الله وحده لا شريك له … والأيام الثلاثة القادمة هي أيام التشريق التي قال فيها رب العباد في محكم آياته ( واذكروا الله في أيام معدودات … ) وبعد انقضاء هذه الأيام وانتهاء نسك الحجيج يلزم أن يمتثل الحاج وكل مسلم بقول الله تعالى {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا …ٍ} .

تأملوا معي رحمكم الله في هذا القاسم المشترك في آيات القرآن الكريم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ستجدون أن هذا القاسم المشترك ورأس الأمر وسنامه هو ذكر الله .. و لو لاحظنا ما ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه ( أيام منى أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل ) فهذه الأيام – أيام التشريق وهي أيام منى .. فإنها ليست أيام أكل وشرب فقط .. ولكنها أيام ذكر لله وربما كان الاهتمام الأكبر لأغلبنا ما ورد في بداية الحديث وهو المأكل والمشرب ولا حرج في ذلك ولكن قلما تجد إلا من رحم الله من يهتم بما ورد في آخر الحديث وهو ذكر الله عز وجل .

ومن هذا المنطلق اسمحوا لي أن نتناول في عجالة هذا الأمر العظيم الذي والله إنه لخير كله وهو ذكر الله تعالى .. لأنه بالذكر يشعر قلب كل مسلم بالطمأنينة وتشعر بالسعادة .. قال رب العباد في محكم آياته الله ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) .

عباد الله ..كلنا ولا شك مقصر ومقل في هذا الأمر العظيم إلا من وفقه الله للخير .. هذا  الفضل الذي لا يدانيه فضل .. إننا نلهث وراء كل أمر يحقق لنا فائدة في الدنيا .. ونغفل عن هذا الكنز العظيم الذي هو في متناول أيدينا ونستطيع تحقيقه بكل سهولة هذا السر المعلوم لدينا جميعا وهو ذكر الله فما أقل الجهد .. وما أغلى الثمن .. بضع كلمات ينطق بها اللسان ويستحضر قلبه معها لثواني معدودات قد تكون مفتاح كل خير لي ولكم فبالله عليكم ما هو الجهد المبذول في قول أحدنا سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ..

فبجهد بسيط وزمن قصير قد يوصلك بفضل الله ورحمته إلى أن يكون الثمن جنة عرضها السماوات والأرض وبالله عليكم ما الجهد المبذول في تلاوة سورة الإخلاص ( قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد ) فهي يا إخوة تعدل ثلث القرآن .. أرأيتم فضل الله والله ذو فضل عظيم .

وقد يظن الظان أن ثمرة الذكر وفضله هو أمر متعلق بالآخرة وما بعد الموت فقط كلا والله .. فإن فضل الذكر يجني ثماره في الدنيا قبل الآخرة فقد قال الله تعالى ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * والاستغفار نوع من الذكر ونجد هنا المقابل * يرسل السماء عليكم مدرارا * لمن أراد المطر – ويمددكم بأموال * لمن أراد كثرة المال – وبنين * لمن لم يرزق بالولد * ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا * لمن أراد المزارع والاستراحات وغيرها . ولا يتوقف فضل الله عند هذا الحد بل أن لكل ذكر فضل وثمن وإليكم بعض الأمثلة من الأذكار الواردة في القرآن الكريم والسنة المطهرة نقولها على سبيل المثال لا الحصر  

  1. الآيات الواردة في القرآن والتي تحث على الذكر : قال تعالى

          أ . {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} (152) سورة البقرة

ب . {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} (35) سورة الحـج

        ج . وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ [الأحزاب:35]

      د . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً [الأحزاب:41]،

و . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (9) سورة المنافقون

ومن الذكر الوارد في أحاديث السنة المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم ما يلي :

  1. الأحاديث الواردة في السنة والتي تحث على الذكر

أ . في صحيح البخاري عن أبي موسى، عن النبي قال: { مثل الذي يذكر ربه، والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت }.

ب . وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : ( ما عمل آدمي عملا قط أنجى له من عذاب الله من ذكر الله عز وجل )  رواه أحمد .

  1. ما قيل عن فضل الذكر :

أ . قال ابن عباس رضي الله عنه : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا سها وغفل وسوس فإذا ذكر الله تعالى خنس .

ب . قال أبو الدرداء رضي الله عنه : لكل  شيء جلاء وإن جلاء القلوب ذكر الله تعالى

ج . قال ابن القيم رحمه الله

  • أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره .
  • أنه يرضي الرحمن عز وجل .
  • أنه يزيل الهم والغم عن القلب . تعليق وما أكثر العيادة النفسية اليوم وتناول العقاقير من أجل إزالة الهم والغم .
  • أنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط . تعليق : كثير من الناس اليوم يبحث عن فرحة قلبه بمالمعاصي والمنكرات وهو يظن أنه أصاب الطريق والصحيح عكس ذلك تماما .
  • أنه يقوي القلب والبدن .
  • أنه ينور الوجه والقلب تعليق : بعض الناس تنظر إلى وجهه فترى عليه نور .
  • أنه يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة تعليق : بعض الناس اليوم مجرد ما تنظر إليه تهابه وحتى وأنت لا تعرفه .

وقد قال أحد السلف إذا انكشف الغطاء يوم القيامة عن ثواب أعمالهم لم يروا ثوابا أفضل من ذكر الله تعالى فيتحسر عند ذلك أقوام فيقولون ما كان شيء أيسر علينا من الذكر .

قال محمد السلمان رحمه الله : بقدر ذكرك لله يذكرك الناس وبقدر شغلك بالله يشتغل بك الناس وبقدر خوفك من الله يخافك الناس .

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا القول واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وسلم تسليما كثيرا

أما بعد :

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} (119) سورة التوبة

كما أسفلنا يتضح لنا جميعا أهمية الذكر وأن كلً منا لا يستغني عن ذكر الله  تعالى إذا أراد الفلاح في الدنيا والآخرة وما أود التنبيه له في هذا الصدد أمر خطير فلربما ظن ظان بأن العبد بالخيار إما أن يذكر الله أو لا يذكره فاستمعوا معي رحمكم الله إلى قوله تعالى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا} {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}  رحماك يا ربي رحماك .

 وختاماً – بل مسك الختام ونحن بصدد الذكر وفضائله أختم بهذا الحديث القدسي لرب العباد حيث ورد في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { يقول الله تبارك و تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة }.

أيها الناس إني داع فأمنوا :

اللهم اجعلنا من الذاكرين الشاكرين القانتين والمخبتين اللهم تقبل منا الطاعات واغفر الزلات اللهم عاملنا بما أنت أهله ولا تعاملنا بما نحن أهله سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وأقم الصلاة

أيام التشريق

خرّج مسلم في صحيحه من حديث نبيشة الهذلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” أيام مِنَى أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل ” .

فأيام مِنَى هي الأيام المعدودات التي قال الله عز وجل فيها : ” واذكروا الله في أيام معدودات ” وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر ، وهي أيام التشريق ، هذا قول ابن عمر ، وأكثر العلماء .

فأيام التشريق يجتمع فيها للمؤمنين نعيم أبدانهم بالأكل والشرب ، ونعيم قلوبهم بالذكر والشكر ، وبذلك تتم النعم ، وكلما أحدثوا شكراً على النعمة كان شكرها نعمة أخرى ، فيحتاج إلى شكر آخر ، ولا ينتهي الشكر أبداً ، ومن تمام شكر النعمة أن يستعان بها على الطاعات ، أما من استعان بنعم الله على معاصيه فقد كفر نعمة الله وبدلها كفرا ، وهو جدير أن يسلبها ، كما قيل :

إذا كنت في نعمة فارعها * فإن المعاصي تزيل النعم

وداوم عليها بشكر الإله * فشكر الإله يزيل النقم . انتهى .

المرجع :

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من وظائف .

الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله .

ط / دار الحديث .

” ص 386 – 390 ” .

فصل : أيام التشريق .

بتصرف .