أسرار سورة الفاتحة
اشتملت هذه السورة العظيمة على أُصولٍ ثلاث :
الأصل الأول :
وهو معرفة الرب تعالى ، ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله.
قال الله تعالى : { الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مالك يَوْمِ الدِّينِ } سورة الفاتحة ” 2- 4 “.
فاسم الله متضمن لصفات الألوهية ، واسم الرب متضمن لصفات الربوبية ، واسم الرحمن متضمن لصفات الإحسان والجود والبر، ومعاني أسمائه سبحانه تدور على هذا.
الأصل الثاني :
ويتضمن معرفة الطريق الموصلة إليه ، وأنها ليست إلا عبادته وحده بما يحبه ويرضاه ، واستعانته على عبادته ، قال الله تعالى : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } (5) سورة الفاتحة .
الأصل الثالث :
ويتضمن أن العبد لا سبيل له إلى سعادته إلا باستقامته على الصراط المستقيم ، وأنه لا سبيل له إلى الاستقامة إلا بهداية ربه له ، كما لا سبيل له إلى عبادته إلا بمعونته ، فلا سبيل له إلى الاستقامة على الصراط إلا بهدايته ، قال الله تعالى : { اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ } (6) سورة الفاتحة .
وأما قوله تعالى : { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}(7) سورة الفاتحة. فيتضمن بيان طرفي الانحراف عن الصراط المستقيم ، وأن الانحراف إلى أحد الطرفين يُؤدي إلى الضلال الذي هو فساد العلم والاعتقاد ، والانحراف إلى الطرف الآخر انحراف إلى الغضب الذي سببه فساد القصد والعمل.
فأول السورة رحمة ، وأوسطها هداية ، وآخرها نعمة. انتهى .
المرجع :
فوائد الفوائد ، الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله ، ط / دار ابن الجوزي ” ص 115 – 117 ” ، فصل : من أسرار الفاتحة ومضامينها ، بتصرف.