كيف تحب أن تكون هديتك ؟

قال بعض السلف : الصلاة كجارية تهدى إلى ملك من الملوك فما ظن بمن يهدي إليه جارية شلاء أو عوراء أو عمياء أو مقطوعة اليد والرجل أو مريضة أو دميمة أو قبيحة حتى يهدى إليه جارية ميتة بلا روح فيها وجارية قبيحة . فكيف بالصلاة التي يهديها العبد ويتقرب بها إلى ربه تعالى ؟

والله تعالى لا يقبل إلا طيبا ، وليس من العتق الطيب عتق عبد لا روح فيه . انتهى .

وقس على هذا سائر الطاعات من صيام أو صدقة أو أو أو .

المرجع :

من كتاب مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين .

 للمؤلف : الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله .

فصل : في صلاة من لم يخشع .

رسالة قصيرة لكل مبدع

قال أبو حفص لأبي عثمان البيسابوري : إذا جلست للناس فكن واعظا لقلبك ونفسك ولا يغرنك اجتماعهم عليك ، فإنهم يراقبون ظاهرك ، والله يراقب باطنك . انتهى

المرجع :

من كتاب مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين .

 للمؤلف : الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله .

فصل : منزلة المراقبة .

رسالة إلى كل معلم ومعلمة

بمناسبة عودة المعلمين والمعلمات إلى مدارسهم أقدم لهم هذه الأطروحة لعلها تنال إعجابهم .

قال المؤلف : النفوس مجبولة على عدم الانتفاع بكلام من لا يعمل بعلمه ولا ينتفع به ، وهذا بمنزلة من يصف له الطبيب دواء لمرض به مثله .

 ولأجل هذه النفرة قال نبي الله شعيب عليه السلام لقومه ” وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ” .

قال بعض السلف : إذا أردت أن يقبل منك الأمر والنهي ، فإذا أمرت بشيء فكن أول الفاعلين له ، المؤتمرين به ، وإذا نهيت عن شيء فكن أول المنتهي عنه . وقد قيل :

يـــــا أيهـــا الرجل المــــــعلم غيره

هلا لنفســـــــك كان ذا التعليم ؟

تصف الدواء لذي السقام من الضنى

ومن الضنى تمسي وأنت سقيم
ج

لا تنه عن خلق وتأتي مثـــــــــــــــله

عار عليك إذا فعلت ذميم

ابدأ بنفسك فانهها عن غيها

فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك يقبل ما تقول ويقتدى

بالقول منك وينفع التعليم

نسأله سبحانه أن يجعله عاما دراسيا حافلا بالجد والاجتهاد والخير على الجميع .

المرجع من كتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين .

للمؤلف :

الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله .

الجزء الثاني : فصل : في منزلة الذكر .

مبحث : الانتفاع بالعظة تحصل بثلاثة أشياء . ” بتصرف ” .

أتحب أن تلحق بالملائكة أم بـ … ؟

قال بعض السلف :

خلق الله الملائكة عقولا بلا شهوة ،

وخلق البهائم شهوة بلا عقول ،

وخلق ابن آدم ، وركب فيه العقل والشهوة .

فمن غلب عقله شهوته التحق بالملائكة ، ومن غلبت شهوته عقله التحق بالبهائم . انتهى .

المرجع :

من كتاب مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين .

للمؤلف :

ابن قيم الجوزية رحمه الله

الجزء الثالث – فصل : منزلة المروءة .

16. قطوف من السيرة المحمدية . معجزات الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام .

بسم الله الرحمن الرحيم

قطوف من السيرة المحمدية

على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم

 ” العناوين “

معجزات الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام ، محاولة فاشلة في الإتيان بمثل هذا القرآن ، زعماء قريش يتشاورون في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وتلفيق التهم له ، طبيب يريد أن يرقي النبي صلى الله عليه وسلم من الجنون حسب زعمهم ، المراجع .

” التفاصيل “

معجزات الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام :

قال كثير من العلماء : بعث  الله كل نبي من الأنبياء بما يناسب أهل زمانه ، فكان الغالب على زمان موسى عليه السلام السحر وتعظيم السحرة ، فبعثه الله بمعجزة بهرت الأبصار وحيرت كل سحار ، فلما استيقنوا أنها من عند العظيم الجبار انقادوا للإسلام وصاروا عباد الله الأبرار .

وأما عيسى عليه السلام ، فبعث في زمن الأطباء وأصحاب علم الطبيعة فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد إليه إلا أن يكون مؤيدا من الذي شرع الشريعة ، فمن أين للطبيب قدرة على إحياء الجماد أو مداواة الأكمه والأبرص ، وبعث من هو في قبره رهين إلى يوم التناد .

 أما محمد عليه الصلاة والسلام بعث في زمان الفصحاء والبلغاء ونحارير الشعراء ، فأتاهم بكتاب من الله  عز وجل ، لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله أو بعشر سور من مثله أو بسورة من مثله  لم يستطيعوا أبدا ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ، وما ذاك إلا لأن كلام الرب عز وجل لا يشبه كلام الخلق أبدا .

محاولة فاشلة في الإتيان بمثل هذا القرآن :

نكتفي بذكر أنموذج واحد وهو من أشهر النماذج عليه من الله ما يستحق ألا هو مسيلمة الكذاب :

حيث جاء بقرآن يضحك الناس :

 مثل قوله : ( يا ضفدع بنت ضفدعين نقي ما تنقين ، أعلاك في الماء وأسفلك في الطين ) .

وقوله : ( شاة سوداء تحلب لبناً أبيض ، فنهتك ستره في هذه الفصاحة ، ثم مسح بيده على رأس الصبي  فذهب شعره ، وبصق في بئر فيبست ) . انتهى .

 ( سبحانك هذا بهتان عظيم )

زعماء قريش يتشاورون في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وتلفيق التهم له :

خشيت قريش أن ينتشر الاسلام وينتصر النبي صلى الله عليه وسلم بدينه على الأصنام ، فاتفقوا على إطلاق اسم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفر القبائل منه ، ويشوه سمعته ، ويكون عقبة في سبيل نشر دعوته .

، ذلك أن الوليد بن المغيرة احتج إليه نفر من قريش ، وكان ذا سن فيهم ، وقد حضر الموسم فقال لهم ، يا معشر قريش إنه قد حضر هذا الموسم ، وأن وفود العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد سمعوا  بأمر صاحبكم هذا فأجمعوا فيه رأيا واحداً ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضاَ ، ويرد قولكم بعضه بعضاً ، فقالوا : فأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأيا نقل به ، قال : بل أنتم قولوا أسمع :

قالوا : نقول كاهناً ، قال : والله ما هو بكاهن ، لقد رأيت الكهان ما هو بزمزمة الكاهن .

قالوا : فنقول مجنون ، قال : ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته .

قالوا : فنقول شاعر، قال : ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله رجزه ، وهزجه ، وقريضه ، مقبوضة ، ومبسوطة فما هو بالشعر .

 قالوا : فنقول ساحر ، قال : ما هو بساحر ، لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثه ولا عقده .

 قال فما نقول يا أبا عبد شمس ؟ قال : والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لعذق ، وإن فرعه لجناة ، وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل ، وأن أقرب القول لأن تقولوا ساحر جاء بقول هو سحر يفرق بين المرء وأبيه ، وبين المرء وأخيه ، والمرء وزوجته ، وبين المرء وعشيرته ، فتفرقوا عنه بذلك ، فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم لا يمر أحد إلا حذروه إياه ، لكن النتيجة جاءت عكس ذلك فقد انتشر ذكره صلى الله عليه وسلم في بلاد العرب .

طبيب يريد أن يرقي محمدا – صلى الله عليه وسلم – من الجنون حسب زعمهم :

وقد كان ضماد بن ثعلبه الأزدي صديقاً للنبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية وكان رجلاً يتطيب ويرقي ويطلب العلم ، فسمع سفهاء أهل مكة يقولون : إن محمداً مجنون ، فجاءه وقال : إني راق فهل بك من شيء فأرقيك ؟ فأجابه صلى الله عليه وسلم بقوله ( الحمد لله نحمده ونستعينه ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد ) فقال له ضماد : أعد عليً كلماتك هؤلاء ، فأعادهن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً ، فقال : والله لقد سمعت قول الكهنة ، وسمعت قول السحرة ، وسمعت قول الشعراء ، فما سمعت مثل هؤلاء الكلمات لقد بلغت ناعوس البحر فمد يدك أبايعك على الإسلام ، فمد النبي صلى الله عليه وسلم يده فبايعه وأسلم .

وهكذا أخفق مسعاهم وسقط إفكهم والحسود لا يسود ، والكذب لا تقوم له قائمة فلا بد أن يسود الحق ويكتسح الباطل أمامه .

انتهى –

                                   فاللهم صل وسلم على نبينا وحبيبنا محمد ” عليه الصلاة والسلام “

المراجع :

–        من كتاب تفسير القرآن العظيم للمؤلف الإمام ابن كثير الدمشقي رحمه الله – الجزء الأول ، تفسير سورة آل عمران ، آية رقم 49 .

–        من كتاب صيد الخاطر للمؤلف الإمام ابن الجوزي رحمه الله –  فصل : في أخبار مدعي النبوة .

–   من كتاب محمد صلى الله عليه وسلم للمؤلف محمد رضا رحمه الله – فصل : القرآن يحيّر ألباب العرب .