الاحتفال بعيد ميلاد المسيح عليه السلام ” الكرسمس “

جرت عادة النصارى على الاحتفال بعيد ميلاد المسيح . وهذا العيد يكون في اليوم الذي يزعمون أنه ولد فيه المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام ، وهو يوم 24 كانون الأول ” ديسمبر “ آخر شهر في السنة الميلادية .

مظاهر الاحتفال بهذا العيد عند النصارى :

وسنتهم في ذلك كثرة الوقود ، وتزيين الكنائس ، وكذلك البيوت والشوارع والمتاجر ، ويستعملون فيه الشموع الملونة ، والزينات بأنواعها.

ويحتفلون بهذا العيد شعبيا ورسميا ، ويعتبر إجازة رسمية في جميع الدول التي تدين بالنصرانية ، وكذلك في غيرها من البلدان ، بل في بعض البلاد الإسلامية يعتبر يوم عيد ميلاد المسيح إجازة رسمية ، ويحتفل الناس بهذه المناسبة .

حكم الاحتفال بهذا العيد عند النصارى :

والاحتفال بعيد ميلاد المسيح أمر محدث مبتدع في النصرانية ، فاتخاذ يوم ميلاد المسيح عيدا بدعة أحدثت بعد الحواريين ، فلم يعهد ذلك عن المسيح ، ولا عن أحد من الحواريين .

ما شأن بعض البلدان الإسلامية بهذا العيد :

وقد ابتلى الله كثيرا من المسلمين في بعض البلدان الإسلامية بالاحتفال بهذه المناسبة ، ولم يتوقف الاحتفال فيه على النصارى فقط ، بل يشاركهم فيه بعض المسلمين الذين دعاهم إلى ذلك الخضوع لشهوات النفس ، والهوى ، والشيطان ؛ لما يحصل في هذه الاحتفالات ” من اختلاط النساء بالرجال ، ونزع جلباب الحياء بالكلية ، وشرب المسكرات ، ورقص النساء مع الرجال ، وما يحدث في هذه الاحتفالات من الأمور التي في ذكرها خدش لكرامة المتحدث بها – عافانا الله وإياكم مما ابتلاهم به – . ” .

حجة بعض المخدوعين بهذا العيد :

وكذلك حب التقليد الأعمى للنصارى ، واعتبار ذلك من باب التطور والتقدم ، وأن مشاركة النصارى في احتفالاتهم صورة من صور الحضارة ، لذلك يبادرون إلى حضور هذه الاحتفالات ، ويقدمون التهاني للنصارى بهذه المناسبة ويرسلون إليهم الهدايا ، مع أن النصارى لا يهنئونهم بعيدي الفطر والأضحى .وهذا كله بسبب ضعف الوازع الديني ، وأنهم مسلمون بالاسم لا بالدين والعقيدة ؛ لأنه في فعلهم ذلك مخالفة لنهيه صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالكفار خصوصا ، ونهيه عن المعاصي التي ترتكب في هذه الاحتفالات عموما .

وقد قال تعالى : { لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ .. } (22) سورة المجادلة . ولا شك أن حضور هذه الاحتفالات ، والإهداء للنصارى فيها ، من أعظم صور المودة لأعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فهذا مما يوجب نفي الإيمان عنهم كما ورد في هذه الآية. انتهى .

المرجع :

المناسبات الموسمية بين الفضائل والبدع والأحكام ، د / حنان بنت علي بن محمد اليماني ، ط / مكتبة الأسدي ” ص 323 -324 ” ، فصل : الاحتفال بعيد ميلاد المسيح عليه السلام ( الكرسمس ) ، بتصرف.

 

29. قطوف من السيرة المحمدية ” ليلة الإسراء والمعراج وحكم الاحتفال بها “

                 بسم الله الرحمن الرحيم

قطوف من السيرة المحمدية

على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم

 ” العناوين “

حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ، مقدمة عن الإسراء والمعراج  ، لماذا كانت الرحلة إلى المسجد الأقصى وليست إلى السماء مباشرة ، ما الحكمة من الإسراء ، تعيين زمن الإسراء ، المراجع .

” التفاصيل “

        حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج :

من أعظم معجزات النبي صلى الله عليه وسلم : الإسراء به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، ثم العروج به  إلى السماوات السبع فما فوقها ، وقد انتشر في بعض البلدان الاحتفال بذكراها في ليلة السابع والعشرين من رجب ، ولا يصح كون ليلة الإسراء في تلك الليلة ، قال ابن حجر عن ابن دحية : ( وذكر بعض القُصاص أن الإسراء كان في رجب ، قال : وذلك كذب ) ، وقال ابن رجب : ( وروي بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد ، أن الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم كان في سابع وعشرين من رجب ، وأنكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره ) . وقال ابن تيمية رحمه الله : ( لم يقم دليل معلوم لا على شهرها ، ولا عشرها ، ولا عينها ؛ بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة ، ليس فيها ما يقطع به ) . على أنه لو ثبت تعيين ليلة الإسراء والمعراج لما شرع لأحد تخصيصها بشيء ، لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من صحابته أو التابعين لهم بإحسان أنهم جعلوا لليلة الإسراء مزية عن غيرها ، فضلا عن أن يقيموا احتفالا بذكراه ، بالإضافة إلى ما يتضمنه الاحتفال بها من البدع والمنكرات .

        مقدمة عن الإسراء والمعراج :

وبينا النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المرحلة  التي كانت دعوته تشق فيها طريقا بين النجاح والاضطهاد ، وكانت تتراءى نجوما ضئيلة  تتلمح في آفاق بعيدة ، وقع حادث الإسراء والمعراج .

        لماذا كانت الرحلة إلى المسجد الأقصى وليست إلى السماء مباشرة :

لماذا كانت الرحلة إلى بيت المقدس ، ولم تبدأ من المسجد الحرام إلى سدرة المنتهى مباشرة ؟

إن هذا يرجع بنا إلى تاريخ قديم ، فقد ظلت النبوات دهورا طوالا في بني إٍسرائيل ، وظل بيت المقدس مهبط الوحي ، ومشرق أنواره على الأرض . فلما  أهدر اليهود كرامة الوحي ، وأسقطوا أحكام السماء ، حلت بهم لعنة الله ، وتقرر تحويل النبوة عنهم إلى الأبد ! ومن ثم كان مجيء الرسالة إلى محمد صلى الله عليه وسلم ؛ انتقالا بالقيادة الروحية في العالم من أمة إلى أمة ، ومن بلد إلى بلد ، ومن ذرية إسرائيل إلى ذرية إسماعيل . وقد كان غضب اليهود مشتعلا لهذا التحول ، مما دعاهم إلى المسارعة بإنكاره . قال تعالى : ( بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فبآءو بغضب على غضب ) . ولكن إرادة الله مضت ، وحمّلت الأمة الجديدة رسالتها ، وورث النبي العربي تعاليم إبراهيم وإسماعيل ويعقوب عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام ،  وقام يكافح لنشرها ، وجمع الناس عليها ، فكان من وصل الحاضر بالماضي ، وإدماج الكل في حقيقة واحدة أن يعتبر المسجد الأقصى ثالث الحرمين في الإسلام ، وأن ينتقل إليه الرسول صلى الله عليه وسلم في إسرائه ، فيكون هذا الانتقال احتراما للإيمان الذي درج – قديما – في رحابه ..

        ما الحكمة من الإسراء :

ذلك  والله عز وجل يتيح لرسله  فرص الاطّلاع على المظاهر الكبرى لقدرته ، حتى يملأ قلوبهم ثقة فيه ، واستنادا إليه ، إذ يواجهون قوى الكفار المتألبة ، ويهاجمون سلطانهم القائم . فقبل أن يرسل الله موسى شاء أن يريه عجائب قدرته ، فأمره أن يلقي عصاه ، قال : ( ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسعى * قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى * واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء ءاية أخرى * لنريك من ءاياتنا الكبرى )  . فلما ملأ قلبه إعجابا بمشاهد هذه الآيات الكبرى ، قال له بعد ذلك : ( اذهب إلى فرعون إنه طغى .. ) . وقد علمت أن ثمرة الإسراء والمعراج إطلاع الله نبيه على هذه الآيات الكبرى ، وربما تقول : إن ذلك حدث بعد الإرسال إليه بقريب من اثني عشر عاما ، على عكس ما وقع لموسى ! وهذا حق ، وسرّه ما أسلفنا بيانه من أن الخوارق في سير المرسلين الأولين قصد بها قهر الأمم على الاقتناع بصدق النبوة ؛ فهي تدعيم لجانبهم أمام اتهام الخصوم لهم بالادّعاء ، وسيرة محمد صلى الله عليه وسلم فوق هذا المستوى .

        تعيين زمن الإسراء :

اختلف في تعيين زمنه على أقوال شتى :

  1. فقيل : كان الإسراء في السنة التي أكرمه الله فيها بالنبوة ، اختاره الطبري .
  2. وقيل : كان بعد المبعث بخمس سنين ، رجح ذلك النووي ، والقرطبي .

3. وقيل : كان ليلة السابع والعشرين من شهر رجب سنة 10 من النبوة ، واختاره العلامة المنصورفوري .

  1. وقيل : قبل الهجرة بستة عشر شهرا ، أي في رمضان سنة 12 من النبوة .
  2. وقيل : قبل الهجرة بسنة وشهرين ، أي في المحرم سنة 13 من النبوة .
  3. وقيل : قبل الهجرة بسنة ، أي في ربيع الأول سنة 13 من النبوة .

–        انتهى –

                                   فاللهم صل وسلم على نبينا وحبيبنا محمد ” عليه الصلاة والسلام “

المراجع :

–  من كتاب المناسبات الموسمية بين الفضائل والبدع والأحكام للمؤلفة أ / حنان بنت علي بن محمد اليماني  –  فصل :  فضائل شهر رجب في الميزان  ( ص 90- 91 ) طبعة مكتب الأسدي .

–        من كتاب الرحيق المختوم للمؤلف الشيخ / صفي الدين المباركفوري رحمه الله – فصل : الإسراء والمعراج ( ص 132 ) طبعة : دار ابن حزم .

–        من كتاب فقه السيرة للمؤلف الشيخ / محمد الغزالي رحمه الله – فصل : الإسراء والمعراج  ( ص 138 – 143 ) طبعة : دار القلم .

جربها قبل أن تنام

ينبغي للإنسان أن يصدر كل ليلة عفواً عاماً قبل النوم عن كل من أساء إليه طيلة النهار بكلمة أو مقالة أو غيبة أو شتم أو أي نوع من أنواع الأذى ، وبهذه الطريقة سوف يكسب الإنسان الأمن الداخلي والاستقرار والعفو من الرحمن الرحيم . وطريقة العفو العام عن كل مسيء هي أفضل دواء في العالم يصرف من صيدلية الوحي ( ادفع بالتي هي أحسن ) ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين . (

يا من أراد الحياة في أبهج صورها وأبهى حللها اغسل قلبك سبع مرات بالعفو وعفره في الثامنة بالغفران .

انتهى  .

المرجع  :

من كتاب اشكر حسادك .

للمؤلف  :

د. عائض القرني حفظه الله .

 فصل : العفو العام .

ط / دار الحضارة ” ص 32 “

بتصرف

بم يعرف عقل الرجل

قيل لبعض الحكماء : بم يعرف عقل الرجل ؟

فقال : بقلة سقطه في الكلام ، وكثرت إصابته فيه ، فقيل له : فإن كان غائباً ، فقال بإحدى ثلاث :

إما برسوله ، وإما بكتابه ، وإما بهديته ،

فإن رسوله قائم مقام نفسه ،

وكتابه يصف نطق لسانه ،

وهديته عنوان همته ،

فبقدر ما يكون فيها من نقص يحكم به على صاحبها . انتهى .

المرجع :

من كتاب المستطرف في كل فن مستظرف .

للمؤلف :

شهاب الدين الأبشيهي رحمه الله تعالى .

الباب الثاني : في العقل و الذكاء و الحمق و ذمه وغير ذلك .

ط / دار الكتاب العربي ” ص 20 “

28. قطوف من السيرة المحمدية ” عودته من الطائف إلى مكة “

                 بسم الله الرحمن الرحيم

قطوف من السيرة المحمدية

على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم

 ” العناوين “

نبذة عن قرن المنازل ، لقاء جبريل مع النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغ قرن المنازل ، قال تعالى : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) ، الجن يستمعون للقرآن الكريم ،  نبذة عن مسجد الجن ، نبينا الكريم يبلغ دعوته للجن ، العفو عند المقدرة ، إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا ، العودة إلى مكة ، المراجع .

” التفاصيل “

        نبذة عن قرن المنازل :

القرن بقاف مثناة وراء مهلة ساكنة : كل جبل صغير منقطع من جبل كبير ، وقرن المنازل ميقات أهل نجد وما جاورها من أهل الخليج ، وغيرهم من القادمين عن طريق الرياض – الطائف ، ونظرا لوجود طريقين رئيسين إلى مكة المكرمة تم تحديد نقطة الميقات والإحرام ببناء مسجدين عليهما وتعرف بميقات السيل الكبير وميقات وادي محرم .

        لقاء جبريل عليه السلام مع النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغ قرن المنازل :

عاد النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف سنة عشر من النبوة / 619 م . حزينا على موقف أهل مكة والطائف ، روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغ قرن المنازل جاءه جبريل وقال : إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك ، وقد بعث الله  إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم ، فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال : يا محمد – صلى الله عيه وسلم – ذلك فيما شئت ، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين لفعلت – والأخشبان : هم جبلا مكة ، أبو قبيس وما يقابله وهو قعيقعان  – فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا .

قال تعالى : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) :

وفي هذا الجواب الذي أدلى به الرسول صلى الله عليه وسلم تتجلى شخصيته الفذة ، وما كان عليه من الخلق العظيم الذي لا يدرك غوره . وأفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم واطمأن قلبه ، لأجل هذا النصر الغيبي الذي أمده الله عليه من فوق سبع سماوات ، ثم تقدم في طريق مكة حتى بلغ وادي نخلة ، وأقام فيه أياماً ، وفي وادي نخلة موضعان يصلحان للإقامة – السيل الكبير والزيمة – لما فيهما من الماء والخصب ، ولم نقف على مصدر يعين موضع إقامته صلى الله عليه وسلم فيه .

     الجن يستمعون للقرآن الكريم :

وخلال إقامته بعث الله إليه نفراً من الجن ، ذكرهم الله في موضعين من القرآن ، في سورة الأحقاف : ( وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين ، قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ، يا قومنا أجيبوا داعى الله وءامنوا به  يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ) ” سورة الأحقاف 29-31 ” ، وفي سورة الجن : ( قل أوحي إلى أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرءاناً عجبا ، يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً ) إلى تمام الاية الخامسة عشر ، ومن سياق هذه الآيات – وكذا من سياق الروايات التي وردت في تفسير هذا الحادث – يتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرف بحضور ذلك النفر من الجن ، وإنما علم ذلك حين أطلعه الله عليه بهذه الآيات ، وأن حضورهم هذا كان لأول مرة ، ويقتضي سياق الروايات أنهم وفدوا بعد ذلك مراراً ، وحقاً كان هذا الحادث نصراً آخر أمده الله من كنوز غيبه المكنون بجنوده التي لا يعلمها إلا هو ، ثم إن الآيات التي نزلت بصدد هذا الحادث كانت في طيها بشارات بنجاح دعوة النبي صلى  الله عليه وسلم ، وأن أي قوة من قوات الكون لا تستطيع أن تحول بينها وبين نجاحها ( ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دون الله أولياء اولئك في ضلال مبين ) ” سورة الأحقاف 32 ” ، وقوله : ( وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا ) ” سورة الجن 12 “.

نبذة عن مسجد الجن :

يقع مسجد الجن على يسار الصاعد إلى المعلاة وسمي بذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم خط لابن مسعود في هذا الموضع عندما جاء الجن يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم وقد سبق أن التقوا به صلى الله عليه وسلم في موضع نخلة أثناء عودته صلى الله عليه وسلم من الطائف سنة عشرة من النبوة . وقد يطلق عليه مسجد الحرس أيضا . وقد جدد هذا المسجد في سنة 1421 هـ .

نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم يبلغ دعوته للجن :

عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه وهو بمكة : من أحب منكم أن يحضر أمر الجن فليفعل ، فلم يحضر منهم أحد غيري ، قال : فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى مكة خط لي برجله خطا ثم أمرني أن أجلس فيه ، ثم انطلق حتى قام فافتتح القرآن فغشيته أسودة كثيرة حالت بيني وبينه حتى ما أسمع صوته ، ثم طفقوا يتقطعون مثل قطع السحاب ذاهبين حتى بقي منهم رهط ، ففرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الفجر . وفي رواية : فأتبعه ابن مسعود فدخل النبي صلى الله عليه وسلم شعبا يقال له : شعب الحجون ، وخط عليه وخط على ابن مسعود ليثبته بذلك. قال ابن مسعود رضي الله عنه : فجعلوا ( أي الجن ) ينتهون إلى الخط فلا يجوزنه ، ثم يصدرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

العفو عند المقدرة :

     لا شك أن الإنسان يحزنه أن تهجم على شخصه أو على من يحب ، وإذا واتته أسباب الثأر سارع إلى مجازاة السيئة بمثلها . ولا يقر له قرار إلا إذا أدخل الضيق على غريمه بقدر ما شعر به هو نفسه من ألم ، ولكن هناك مسلكا أنبل من ذلك ، وأرضى لله ، وأدل على العظمة والمروءة ، أن يبتلع غضبه فلا يتفجر ، وأن يقبض يده فلا يقتص ، وأن يجعل عفوه عن المسيء نوعا من شكر الله الذي أقدره على أن يأخذ بحقه إذا شاء . ويتجلى ذلك واضحا في قصة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال بل ارجو أن يخرج الله من أصلابهم …

إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا :

       أمام هذه النصرة ، وأمام هذه البشارات ، انقشعت سحابة الكآبة والحزن واليأس التي كانت مطبقة عليه منذ أن خرج من الطائف مطروداً مدحوراً ، حتى صمم على العودة إلى مكة ، وعلى القيام باستئناف خطته الأولى في عرض اٍلإسلام وإبلاغ رسالة الله الخالدة بنشاط جديد وجد وحماس ، وحينئذ قال له زيد بن حارثة : كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك ؟ يعني قريشاً فقال : ( يا زيد إن الله جاعل لما ترى فرجاً ومخرجاً ، وإن الله ناصر دينه ومظهر نبيه ) .

     العودة إلى مكة :

وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دنا من مكة فمكث بحراء ، وبعث رجلاً من خزاعة إلى الأخنس بن شريق ليجيره ، فقال : أنا حليف ، والحليف لا يجير ، فبعث إلى سهل بن عمرو ، فقال سهيل : إن بني عامر لا تجبر على بني كعب ، فبعث إلى المطعم بن عدى ، فقال المطعم : نعم ، ثم تسلح ودعا بينه وقومه فقال : البسوا السلاح ، وكونوا عند أركان البيت ، فإني قد أجرت محمداً ، ثم بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن ادخل ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه زيد بن حارثة حتى انتهى إلى المسجد الحرام ، فقام المطعم بن عدي على راحلته فنادى : يا معشر قريش ،
إني قد أجرت محمداً فلا يهجعه أحد منكم ، وانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الركن فاستلمه وصلى ركعتين ، وانصرف إلى بيته ، ومطعم بن عدي وولده محدقون به بالسلام حتى دخل بيته ، وقيل : إن أبا جهل سأل مطعماً : أمجير أنت أم متابع – مسلم – ؟ قال : بل مجير ، قال : قد أجرنا من أجرت ، وقد حفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم للمطعم هذا الصنيع ، فقال في أسارى بدر : لو كان المطعم بن عدي حياً ثم كلمني في هؤلاء لتركتهم له .

–        انتهى –

                                   فاللهم صل وسلم على نبينا وحبيبنا محمد ” عليه الصلاة والسلام “

المراجع :

–  من كتاب خلق المسلم للمؤلف الشيخ / محمد الغزالي رحمه الله –  فصل :  الحلم والصفح ( ص 114- 115 ) طبعة دار القلم .

–        من كتاب الرحيق المختوم للمؤلف الشيخ / صفي الدين المباركفوري رحمه الله – فصل : المرحلة الثالثة دعوة الإسلام خارج مكة ( ص 120 – 124 ) طبعة : دار ابن حزم .

–        من كتاب تاريخ مكة المكرمة قديما وحديثا للمؤلف د / محمد إلياس عبد الغني حفظه الله – فصل : المرحلة الثالثة دعوة الإسلام خارج مكة ( ص 120 – 124 ) ، مسجد الجن ( 132 – 133 ) طبعة : دار ابن حزم .